للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي١

فدل الكلام على أنه أراد: فلئن عفوت لأعفون عفوًا عظيمًا؛ لأن الإنسان يفخر بصفحة عن ذنب حقير يسير. فلما كان اللبس في هذين زائلًا عن جميع السامعين لم يذكر وقوع الكلمة على معنيين مختلفين في كلامين مختلفي اللفظين.

وقال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} ٢، وكذا {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ} ٣، أراد الذين يتيقنون ذلك، فلم يذهب وهم عاقل إلى أن الله تعالى يمدح قومًا بالشك في لقائه، وقال تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ} ٤، أي اعتقدوا اعتقادًا كانوا منه في حكم المتيقنين، وقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيه} ٥،


١ سطا عليه وبه سطوًا وسطوة: صال أو قهر بالبطش.
٢ من الآية رقم ٤٦ من سورة البقرة.
٣ من الآية رقم ٢٤٩ من سورة البقرة.
٤ من الآية رقم ٢ من سورة الحشر.
٥ من الآية رقم ٨٧ من سورة الأنبياء، وذا النون لقب يونس عليه السلام.

<<  <   >  >>