للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونمائه، ويذودان أسباب وهنه واضطرابه، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢١]. وسبيل ذلك أن يعرف كل طرفٍ دوره في هذه الغاية، وأن يؤدي واجبه فيه على الصورة المطلوبة المرتضاة، فقد أوجب الله على الزوج والزوجة حقوقًا لن يرضى الله سبحانه عن أحدهما، إلّا بقدر ما يؤدي منها لشريكه، وحين يتكافل كلاهما في أداء دور الرعاية، وتكون الحقوق والواجبات مراعاة ماثلة في البيت وخارجه، يتولّد الأمل, ويعظم الرجاء في الله بأن تستقيم الأسرة على النهج الذي ارتضاه الله لها، فتثمر ثمرتها الطيبة, وتورف بظلالها على المجتمع بأسره.

وللمرأة في هذا كله دورٌ مركزيٌّ على غايةٍ من الأهمية، لا سبيل لأيّ مجتمعٍ أن يستغني عنه، ولا أن يسيء تقديره، أو أن يتهاون إزاءه, ولقد مرَّتْ على المرأة ظروف وأحقاب من التاريخ، سيمت فيه الظلم والخسف، إلى أن تداركتها رحمة الإسلام الذي أقرَّ لها بالكرامة الإنسانية، مثلها في ذلك مثل الرجل، فهي ليست من طينة مغايرة للذكر, ولا أحقر ولا أذل، فتحتقر وتمتهن وتذل.

ولقد ذكَّر الإسلام البشرية جمعاء بأن الزوجات خلقن من أنفس أزواجهن في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١]، وقال -عليه الصلاة والسلام: "إنما النساء شقائق الرجال" ١.

ولقد خلع الإسلام على المرأة من المكرمات والمنن، ما رفعها إلى مقام عالٍ، وأمكنها من حقوقها كاملة من غير نقصان، قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] , وهيأها خير تهيئة لتتحمل دورها، فكان للنساء في الإسلام من الفضل ما استأهلت به ثناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليهن، ودعوته إلى الرفق بهن وإكرامهن: "خياركم خياركم لنسائهم خلقًا" ٢.


١ أخرجه أحمد في مسنده: ٦/ ٢٥٦ - ٢٧٧.
٢ رواه الترمذي في سننه، كتاب الرضاع.

<<  <   >  >>