للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآيات الأنبياء ليست معتادة لغير الذين يصدقون على الله، ويصدّقون من صدق على الله؛ وهم الذين جاؤوا بالصدق وصدّقوا. وتلك معتادة لمن يفتري الكذب على الله، أو يكذّب بالحقّ [لمّا جاءه] ١. فتلك آيات على كذب أصحابها، وآيات الأنبياء آيات على صدق أصحابها؛ فإن الله سبحانه لا يُخلي الصادق ممّا يدلّ على صدقه، ولا يُخلي الكاذب ممّا يدلّ على كذبه؛ إذ من نعته ما أخبر به في [قوله] ٢: {أَمْ يَقُولُونَ افْترَى على اللهِ كَذِباً فَإِن يَشَأ اللهُ يَخْتِمُ عَلَى قَلْبِكَ} ٣. ثم قال خبراً مبتدياً: {وَيَمْحُو اللهُ الباطلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} ٤؛ فهو سبحانه لا بُدّ أن يمحق الباطل، ويُحقّ الحق بكلماته.

وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَواتِ والأرْضَ وما بينهُما لاعِبِينَ لو أرَدْنا أَن نتخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِن لَدُنَّا إن كُنَّا فاعِلِينَ بلْ نَقْذِفُ بالحقّ عَلى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زَاهِق ولَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} ٥.

كما أخبر في موضع أنّه لم يخلق الخلق عبثاً ولا سُدى، وإنّما خلقهم بالحق وللحق٦، فلا بُدّ أن يجزي هؤلاء وهؤلاء بإظهار صدق هؤلاء، وإظهار كذب هؤلاء؛ كما قال: {بلْ نَقْذِفُ بالحقّ عَلى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هوَ زَاهِق} ٧.


١ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٢ في ((ط)) : وقله.
٣ سورة الشورى، الآية ٢٤.
٤ سورة الشورى آية ٢٤.
٥ سورة الأنبياء، الآيات ١٦-١٨.
٦ قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} . سورة المؤمنون، الآية ١١٥.
وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} . سورة القيامة، الآية ٣٦.
٧ سورة الأنبياء، الآية ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>