وقد ألّف شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الأصل رسائل قيّمة؛ مثل رسالة في معنى كون الربّ عادلاً وفي تنزّهه عن الظلم. وهي ممّا ألّفه رحمه الله في محبسه الأخير بالقلعة بدمشق. (انظر جامع الرسائل ١١١٩-١٤٢) . وكذلك رسالة في شرح حديث أبي ذر: "يا عبادي إني حرّمتُ الظلم على نفسي"؛ ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ٢٢٠٥-٢٤٦. وانظر منهاج السنة النبوية ١١٣٣-١٤٦. وممّا قاله رحمه الله عن هذا الأصل: "وهذا الأصل؛ وهو عدل الربّ، يتعلّق بجميع أنواع العلم والدين؛ فإنّ جميع أفعال الرب ومخلوقاته داخلة في ذلك، وكذلك أقواله وشرائعه وكتبه المنزلة، وما يدخل في ذلك من مسائل المبدأ والمعاد، ومسائل النبوات، وآياتهم، والثواب والعقاب، ومسائل التعديل والتجوير، وغير ذلك. وهذه الأمور ممّا خاض فيه جميع الأمم". جامع الرسائل ١١٢٥. وشيخ الإسلام رحمه الله يردّ على المبتدعة في أصولهم التي بنوا عليها معتقداتهم، فلذلك ربط رحمه الله بين المعجزات وثبوت النبوة، مع مسائل العدل والحكمة. وقد ذكر أحد أئمة الأشاعرة أنّ النبوّات والمعجزات مبنيّة على أصول، ومرتبة على قواعد. وأصل هذه الأصول كما ذكر هو القول بالتعديل والتجوير. يقول الجويني في الإرشاد ص ٢٥٧ عن القول في التعديل والتجوير: (إنّ مضمون هذا الأصل العظيم، والخطب الجسيم تحصره مقدّمتان، وثلاث مسائل: إحدى المقدمتين في الردّ على من قال بتحسين العقل وتقبيحه. والأخرى: أنه لا واجب على الله تعالى يدلّ عليه العقل. وأما المسائل الثلاث؛ فإحداها في بيان مذاهب أهل الملل في إيلام الله تعالى من يؤلمه من عباده وخليقته. وهذه المسألة تتشعب القول في التناسخ والأعراض. والمسألة الثانية في الصلاح والأصلح. والثالثة في اللطف ومعناه. وإذا نجزت هذه الأصول افتتحنا بعده المعجزات، ورتبنا على ثبوت النبوات السمعيات) . فالتعديل والتجوير هو أصل الأصول التي بنى عليها هؤلاء إثبات النبوة. لذلك كان اهتمام شيخ الإسلام رحمه الله في الردّ على أصحابها، ونقض ما عندهم من الباطل، وإظهار الحقّ وإعزازه بالدليل والبرهان.