٢ قال الأشعريّ: "فلا يقبح منه أن يُعذّب المؤمنين، ويدخل الكافرين الجنان، وإنّما نقول إنه لا يفعل ذلك لأنّه أخبرنا أنّه يُعاقب الكافرين. وهو لا يجوز عليه الكذب في خبره". ثمّ قال: "والدليل على أنّ كل ما فعله فله فعله: أنّه المالك القاهر الذي ليس بمملوك، ولا فوقه ... فإن قال: فإنّما يقبح الكذب لأنّه قبّحه؟ قيل له: أجل، ولو حسَّنه لكان حسناً، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض". اللمع ص ٧١. ٣ انظر التمهيد للباقلاني ص ٣٨٢-٣٨٦. ٤ مسألة هل أطفال المشركين يُعذّبون، أم لا، فيها اختلاف بين الفرق: فقد ذهبت المعتزلة إلى أنّه لا يجوز أن يُعذّب الله أطفال المشركين. وذهبت الجبريّة والأشاعرة إلى جواز ذلك، وقالوا: لا يقبح ذلك من الله تعالى؛ لأنّه مالك الرقاب، ويتصرّف في ملكه كيف يشاء. أمّا قول أهل السنة والجماعة، فيقول في بيانه شيخ الإسلام رحمه الله: "وأما ثبوت حكم الكفرة في الآخرة للأطفال، فكان أحمد يقف فيه؛ تارة يقف عن الجواب، وتارة يردّهم إلى العلم؛ لقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين". وهذا أحسن جوابيه، كما نقل محمد بن الحكم عنه، وسأله عن أولاد المشركين، فقال: أذهب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بما كانوا عاملين" ... ". رواه البخاري ومسلم في كتاب القدر. ثم قال رحمه الله: "وهذا التفصيل يُذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجلها من كرهه؛ فإنّ من قطع لهم بالنّار كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنّة كلّهم، جاءت نصوص تدفع قوله. ثمّ إذا قيل هم مع آبائهم لزم تعذيب من لم يُذنب، وانفتح باب الخوض في الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والقدر، والشرع، والمحبة، والحكمة، والرحمة. فلهذا كان أحمد يقول هو أصل كل خصومة. أما جواب النبي صلى الله عليه وسلم الذي أجاب به أحمد آخراً، وهو قوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين": فإنّه فصل الخطاب في هذا الباب. وهذا العلم يُظهر حكمه في الآخرة. والله تعالى أعلم". درء تعارض العقل والنقل ٨٣٩٧، ٤٠٢. وذكر ابن حجر في الفتح (٣٢٩٠-٢٩١) عشرة أقوال للعلماء في أطفال المشركين. وانظر: منهاج السنة النبوية ٢٣٠٦-٣٠٩. والجواب الصحيح ٢٢٩٦-٣٠٠. ومجموع الفتاوى ٤٢٧٧-٢٨١، ٣٠٣، ٢٤٣٧٢. وطريق الهجرتين لابن القيم ص ٦٧٧-٦٨٩. وانظر أيضاً: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار ص ٤٧٧-٤٧٩. ورسائل العدل والتوحيد ص ٢٢٢. وأصول الدين للبغدادي ص ٢٥٦.