للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ركوب المكنسة١، أو الخابية٢، أو غير ذلك؛ حتّى تطير به، وطيرانه في الهواء من بلد إلى بلد؛ هذا فعلٌ مقدورٌ للحيوان؛ فإنّ الطير [يفعل] ٣ ذلك، والجنّ تفعل ذلك. وقد أخبر الله أنّ العفريت قال لسليمان: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} ٤؛ وهذا تصرّف في أعراض٥ الحيّ؛ فإنّ الموت، والمرض، والحركة أعراضٌ، والحيوان يقبل في العادة مثل هذه الأعراض، ليس في هذا قلب جنس إلى جنس، ولا في هذا ما يختصّ الربّ بالقدرة عليه، ولا ما يختصّ به الملائكة.

وكذلك إحضار ما يُحضر من طعامٍ، أو نفقة، أو ثياب، أو غير ذلك من الغيب. [و] ٦ هذا [إنّما هو] ٧ نقل مالٍ من مكانٍ إلى مكانٍ. وهذا تفعله الإنس والجنّ، لكن الجنّ تفعله، والنّاس لا يُبصرون ذلك. وهذا بخلاف كون الماء القليل نفسه يفيض حتى يصير كثيراً، بأن ينبع من بين الأصابع من غير زيادة يُزادها٨. فهذا لا يقدر عليه إنسيّ ولا جنّي.


١ المكنسة - بكسر الميم - ما يُكنس به. والكُناسة - بالضمّ - ما يُكنس؛ وهي الزبالة. انظر: المصباح المنير ص ٥٤٢.
٢ الخابية: وعاء الماء الذي يحفظ فيه. وجمعه خوابي. المعجم الوسيط ١/١٣.
٣ في ((م)) ، و ((ط)) تفعل.
٤ سورة النمل، الآية ٣٩.
٥ العَرَض في اللغة: ما يعرض للإنسان من مرض، وموت، ونحو ذلك.
انظر: الصحاح للجوهري ٣/١٠٣٨. والمعجم الوسيط ص ٥٩٤.
٦ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٧ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٨ مثل ما حدث في غزوة الحديبية؛ حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الإناء، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما - وهو راوي الحديث: "فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون. قال فشربنا. قال الراوي: فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ، قال: لو كنّا مائة ألف لكفانا، كنّا خمس عشرة مائة".
أخرجه البخاري في صحيحه ٤/١٥٢٦، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية.
وقد ذكر أنس بن مالك - رضي الله عنه - قصة أخرى في نبع الماء من بين أصابع نبيّنا صلى الله عليه وسلم. فعنه - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء، فأُتي بقدح رحراح، فجعل القوم يتوضؤون، فحزرت ما بين الستين إلى الثمانين، قال: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه.
صحيح مسلم ٤/١٧٨٣، كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>