للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود إيمانهم بما أخبرهم من الغيب الذي رآه تلك الليلة، وإلاّ فهم كانوا يعرفون المسجد الأقصى، ولهذا قال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَة المَلْعُونَةَ فِيْ القُرْآن} ١.

قال ابن عباس [رضي الله عنه] ٢: هي رؤيا عين أُريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به٣. وهذا كما قال في الآية: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} ٤.

وكذلك ما يُخبر به الرسول من أنباء الغيب؛ قال تعالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدَاً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدَاً} ٥. فهذا غيب الربّ الذي اختص به؛ مثل علمه بما سيكون من تفصيل الأمور الكبار على وجه الصدق، فإنّ هذا لا يقدر عليه إلا الله.

الفرق بين خبر الرسول وخبر الجنّ

والجنّ غايتها أن تخبر ببعض الأمور المستقبلة؛ كالذي يسترقه الجن من السماء٦، مع ما في الجنّ من الكذب، فلا بُدّ لهم من الكذب، والذي يخبرون به هو ممّا يُعلم بالمنامات وغير المنامات، فهو من جنس المعتاد للناس.


١ سورة الإسراء، الآية ٦٠.
٢ ما بين المعقوفتين من ((ط)) ، وليس في ((خ)) ، و ((م)) .
٣ انظر: صحيح البخاري ٤/١٧٤٨.
٤ سورة النجم، الآيات ١٣-١٨.
٥ سورة الجن، الآيتان ٢٦-٢٧.
٦ قال تعالى يحكي عن الجنّ: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} [الجن، ٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>