للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام عن معنى خرق العادة

[وإن عني بكون] ١ المعجزة هي الخارق للعادة: أنّها خارقة لعادة أولئك المخاطبين بالنبوة؛ بحيث ليس فيهم من يقدر على ذلك، فهذا ليس بحجة؛ فإنّ أكثر الناس لا يقدرون على الكهانة، والسحر، ونحو ذلك.

وقد يكون المخاطبون بالنبوة ليس فيهم هؤلاء؛ كما كان أتباع مسيلمة٢، والعنسي٣، وأمثالهما؛ لا يقدرون على ما يقدر عليه هؤلاء.

والمبّرز في فنٍ من الفنون يقدر على ما لا يقدر عليه أحد في زمنه، وليس هذا دليلاً على النبوة؛ فكتاب سيبويه٤ مثلاً ممّا لا يقدر على مثله عامّة الخلق، وليس بمعجز؛ إذ كان ليس مختصاً بالأنبياء، بل هو موجود لغيرهم. وكذلك طب أبقراط٥.

بل وعلم العالم الكبير من علماء المسلمين خارج عن عادة الناس، وليس هو دليلاً على نبوّته.


١ في ((خ)) : قد يكون. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ سبق التعريف به قريباً ص ١٩٢.
٣ سبق التعريف به قريباً ص ١٩٢.
٤ هو عمرو بن عثمان بن قنبر، مولى بني الحارث. أبو البشر. من تلاميذ الخليل. توفي سنة ١٧٧?، وعمره نيف وأربعين سنة. وقد صنّف في النحو كتاباً لا يلحق شأوه، وشرحه أئمة النحاة بعده، فانغمروا في لجج بحره. وكان المبرد إذا أراد إنسان أن يقرأ كتاب سيبويه يقول له: ركبتَ البحر؛ تعظيماً له، واستعظاماً لما فيه. وقال المازني: من أراد أن يعمل كتاباً كبيراً في النحو بعد كتاب سيبويه، فليستحيي.
انظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٠/١٨٢. والفهرست لابن النديم ص ٧٦.
٥ هو بقراط بن إيراقليس. طبيب ماهر من تلاميذ أسقلبيوس الثاني. كان في أيام بهمن ابن أردشير. قال يحيى النحوي: بقراط وحيد دهره الذي يضرب به المثل، الطبيب الفيلسوف. وبلغ به الأمر إلى أن عبده الناس. توفي سنة ٣٥٧ ق. م، وعمره ٩٥سنة.
انظر: طبقات الأطباء ص ٢٤. والفهرست ص ٤٠٠. وتاريخ الحكماء ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>