للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُونَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرَاً} ١، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} ٢، وقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ لا بِقَولِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ} ٣.

ولهذا لما عرض الكُفّار على كبيرهم [الوحيد] ٤ أن يقولوا للناس: هو شاعرٌ، ومجنونٌ، وساحرٌ، وكاهنٌ، صار يُبيّن لهم أنّ هذه أقوال فاسدة، وأنّ الفرق معروفٌ بينه، وبين هذه الأجناس.

فالمقصود أن هذه الأجناس كلّها موجودة في الناس، معتادة، معروفة. وكلّ واحد منها يُعرف بخواصه المستلزمة له، وتلك الخواص آيات له، مستلزمة له. فكذلك النبوّة لها خواصّ مستلزمة لها، تُعرف بها،


١ سورة الشعراء، الآيات ٢٢٤-٢٢٧.
٢ سورة يس، الآية ٦٩.
٣ سورة الحاقة، الآيات ٤١-٤٣.
٤ في ((خ)) : التوحيد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
والمقصود به كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الوليد بن المغيرة، الذي كان من أعظم الناس كفراً، وهو الوحيد المذكور في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} [المدثر، ١١] .
انظر: منهاج السنة النبوية ١/٤١. ودرء تعارض العقل والنقل ٥/١٦٢.
ومن خبره: "أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يُصلّي ويقترئ، فأعجبه القرآن، ووصفه بأنه ليس بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وأنّ له لحلاوة، وأنّ عليه لطلاوة، وأنه ليعلو وما يعلى عليه. وقال لهم أيضاً: سمعت قولاً حلواً أخضر مثمراً يأخذ بالقلوب، فقالوا: هو شعر؟ فقال: لا والله ما هو بالشعر، ليس أحد أعلم بالشعر مني، أليس قد عرضَتْ عليّ الشعراء شعرهم؛ نابغة، وفلان، وفلان؟. قالوا: فهو كاهن؟ فقال: لا والله ما هو بكاهن، قد عُرِضت عليّ الكهانة. قالوا: فهذا سحر الأولين اكتتبه؟ قال: لا أدري إن كان شيئاً فعسى هو إذاً سحر يؤثر".
انظر: الخبر برواياته في تفسير الطبري ٢٩/١٥٦-١٥٧، وفي تفسير ابن كثير ٤/٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>