للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للربّ١، وأفعال العباد هي أيضاً مقدورة للرب، وهو خالقها، والعبد ليس خالقاً لفعله؛ فالاعتبار بكونها خارقة للعادة قد استدلّ بها على النبوّة، وتحدّى بمثلها، فلم يمكن أحداً معارضة هذه القيود الثلاثة، وحذفوا ذلك القيد.

كلام الباقلاني في الفرق بين المعجز والسحر

وزعم القاضي أبو بكر أنّ ما يُستدلّ به على أنّ المعجزات يمتنع دخولها تحت قدر العباد لا يصحّ على أصول القدرية. وبَسَطَ القول في ذلك بكلام يصح بعضه دون بعض؛ كعادته في أمثال ذلك٢، ثمّ جعل هذا الفرق: هو الفرق بين المعجزات، وبين السحر، والحيل؛ فقال: وأمّا على قولنا إن المعجز لا يكون إلا من مقدورات القديم، ومّما يستحيل دخوله، ودخول مثله تحت قدر العباد، فإذا كان كذلك، استحال أن يفعل أحدٌ من الخلق شيئاً من معجزات الرسل، أو ما هو من جنسها؛ لأنّ المحتال إنّما يحتال ويفعل ما يصح دخوله تحت قدرته، دون ما يستحيل كونه مقدورا له٣.

قال: "وأمّا٤ القائلون بأنّه يجوز٥ أن يكون في٦ معجزات الرسل ما يدخل جنسه تحت قُدَرِ العباد، وإن لم يقدروا على كثيره، وما يخرق العادة منه، فإنّهم٧ يقولون: قد علمنا أنه لا حيلة ولا شيء من٨ السحر يمكن


١ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣١٩، ٣٢٢.
٢ انظر: البيان للباقلاني ص ٦٦-٧٠.
٣ انظر: البيان للباقلاني ص ٧٢-٧٣.
٤ في البيان: فأما.
٥ في البيان: قد يجوز.
٦ في البيان: من.
٧ في البيان: فإنهم أيضاً.
٨ في البيان: في.

<<  <  ج: ص:  >  >>