للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقدرة عليه، لا سيما وقد ظهر ضعف الفرق بين ما يمتنع قدرة العباد عليه، وما لا يمتنع. ولهذا أعرض المتأخرون عن هذا القيد١.

لا تكون المعجزة عند الأشاعرة إلا إذا استدل بها واقترن بها دعوى نبوة..

والوجه الثاني: وبه تنكشف حقيقة طريقهم أنه على هذا لم [تتميز] ٢ المعجزات بوصف تختص به، وإنما امتازت باقترانها [بدعوى] ٣ النبوة. وهذا حقيقة قولهم، وقد صرّحوا به٤.

فالدليل والبرهان إن استدلّ به كان دليلاً، وإن لم يستدلّ به لم يكن دليلاً، وإن اقترنت به الدعوى، كان دليلاً، وإن لم تقترن به الدعوى، لم يكن دليلا عندهم. ولهذا لم يجعلوا دلالة المعجز دلالة عقلية، بل دلالة وضعية٥؛ كدلالة الألفاظ بالاصطلاح.


١ قال شيخ الإسلام - فيما سبق من هذا الكتاب -: "ولهذا لما رأى المتأخرون ضعف هذا الفرق؛ كأبي المعالي، والرازي، والآمدي، وغيرهم، حذفوا هذا القيد، وهو كون المعجزة مما ينفرد الباري بالقدرة عليها. وقالوا: كلّ حادث فهو مقدور للربّ، وأفعال العباد هي أيضاً مقدورة للرب". انظر ص ١٩٤.
٢ في ((خ)) : يتميز. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ في ((م)) ، و ((ط)) : بدعوة.
٤ انظر: شرح المقاصد ص ١١. والمواقف للإيجي ص ٣٣٩. والإرشاد للجويني ص ٣٠٧-٣١٥. وأصول الدين للبغدادي ص ١٧٠-١٧١.
٥ الدلالة اللفظية الوضعية: هي كون اللفظ بحيث متى أُطلق، أو تُخيّل، فُهم منه معناه للعلم بوضعه. وهي المنقسمة إلى المطابقة، والتضمن، والالتزام. لأنّ اللفظ الدالّ بالوضع يدلّ على تمام ما وضع له بالمطابقة، وعلى جزئه بالتضمّن، وعلى ما يلازمه في الذهن بالالتزام؛ كالإنسان؛ فإنّه يدلّ على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة، وعلى جزئه بالتضمّن، وعلى قابل العلم بالالتزام.
انظر: التعريفات للجرجاني ص ١٤٠. وانظر: الإرشاد للمفيد ص ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>