للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يصير دليلاً بدعوى المستدلّ أنّه دليل.

الذين ادعوا النبوة ظهرت لهم خوارق ولم يعارضهم أحد

وقد بسط الكلام في ذلك، وجوز أن [تظهر] ١ المعجزات على يد كاذب٢، إذا خلق الله مثلها على يد من يعارضه؛ فعمدته سلامتها من المعارضة بالمثل، مع أن المثل عنده موجود، وآيات الأنبياء لها أمثال كثيرة لغير الأنبياء، لكن يقول٣ إنّ من ادّعى الإتيان؛ فإما أن لا يظهرها الله على يديه، وإما أن [يُقيّض] ٤ من يعارضه بمثلها. هذا عمدة القوم، وليس فرقاً حقيقياً بين النبيّ والساحر، وإنّما هو مجرّد دعوى.

وهذا يظهر ب الوجه السادس: وهو أنّ من الناس من ادّعى النبوة٥، وكان كاذباً، وظهرت على يده بعض هذه الخوارق، فلم يُمنع منها، ولم يعارضه أحدٌ، بل عُرف أنّ هذا الذي أتى به ليس من آيات الأنبياء، وعُرف كذبه بطرق متعددة؛ كما في قصة الأسود العنسي، ومسيلمة الكذاب، [والحارث] ٦ الدمشقي، وبابا الرومي، وغير هؤلاء٧ ممّن ادعى النبوة. فقولهم: إنّ الكذاب لا يأتي بمثل هذا الجنس، ليس كما ادعوه٨.


١ في ((خ)) : يظهر. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ انظر: البيان للباقلاني ص٤٧-٤٨، ٩١، ٩٤. والإرشاد للجويني ص٣١٩، ٣٢٨.
٣ انظر: البيان للباقلاني ص ٩٤-٩٧.
٤ في ((ط)) فقط: يقبض.
٥ مثل مسيلمة الكذاب.
٦ في ((م)) ، و ((ط)) : والحارس.
٧ وكلّ هؤلاء سبق التعريف بهم.
٨ قال شيخ الإسلام في معرض الردّ عليهم في الجواب الصحيح: "أنت تُجوّز انتقاض العادة، وليس لانتقاضها عندك سبب تختصّ به، ولا حكمة انتقضت لأجلها، بل لا فرق عندك بين انتقاضها للأنبياء والأولياء والسحرة وغير ذلك. ولهذا قلتم: ليس بين معجزات الأنبياء، وبين كرامات الأولياء والسحرة فرق، إلا مجرّد اقتران دعوى النبوة والتحدي بالمعارضة، مع عدم المعارضة، مع أن التحدي بالمعارضة قد يقع من المشرك، بل ومن الساحر، فلم يثبتوا فرقاً يعود إلى جنس الخوارق المفعولة، ولا إلى قصد الفاعل والخالق، ولا قدرته، ولا حكمته". الجواب الصحيح ٦/٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>