للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم بالصدق عند المعجز يحصل ضرورة، فهو علم ضروري١. [وبيّن] ٢ ضعف هذا الجواب، مع أنه يُحتجّ به، وقال: فهذا هذا من وجوه:

أحدها: أن يقال: إن كان الأمر كما زعمتم، فإنما يلزم العجز إذا كان خلق الدليل الدالّ على صدقهم جنسه لا يدلّ، بل جنسه يقع مع عدم النبوّة، ولم يبق عندكم جنسٌ من الأدلة [يختصّ] ٣ النبوة.

فلِمَ قلتم: إنّ تصديقهم والحال هذه ممكن؟

ولا ينفعكم هنا الاستدلال بالإجماع ونحوه من الأدلة السمعية؛ لأنّ كلامكم مع منكري النبوات. فيجب أن [تقيموا] ٤ عليهم كون المعجزات دليلاً على صدق النبي.

وأما من أقر بنبوّتهم بطريقٍ غير طريقكم، فإنّه لا يحتاج إلى كلامكم. فإذا قال لكم منكروا النبوّة: لا نسلّم إمكان طريق يدل على صدقهم، لم يكن معكم ما يدلّ على ذلك.

وقد أورد هذا السؤال، وأجاب عنه: بأنّه يمكنه تصديقهم بالقول، والمعجزات تقوم مقام التصديق بالقول، بل التصديق بالفعل أوكد. وضرب المثل بمدّعي الوكالة، إذا قال: قُمْ، أو اقعد، ففعل ذلك عند استشهاد وكيله؛ فإنّ العقلاء كلّهم يعلمون أنّه أقام تلك الأفعال مقام القول.

قلت: وهذا يعود إلى الاحتجاج بالطريقة الثانية؛ وهي العلم بالتصديق ضرورة، فلا حاجة إلى طريقة المعجزات.


١ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣١٢، ٣٣٦.
٢ في ((خ)) : وبيان. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ في ((م)) ، و ((ط)) : يخصّ.
٤ في ((خ)) : يقيموا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>