للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجويزكم عليه كلّ ممكن١، يلزمكم تجويز خلق المعجزة على يد الكاذب، فما علم بالعقل والإجماع من امتناع ظهورها على يد الكاذب يدل على فساد أصلكم.

الرد على من قال لا دليل على صدق الأنبياء إلا المعجزات

الوجه الرابع: أن يقال: لِمَ قلتم أنّه لا دليل على صدقهم إلا المعجزات٢، وما ذكرتم من الإجماع على ذلك لا يصحّ الاستدلال به لوجهين:

أحدهما: أنه لا إجماع في ذلك، بل كثيٌر من الطوائف يقولون: إنّ صدقهم بغير المعجزات.

الثاني: إنّه لا يصحّ الاحتجاج بالإجماع في ذلك؛ فإنّ الإجماع إنّما يثبت بعد ثبوت النبوة، والمقدمات التي يُعلم بها النبوة لا يُحتج عليها بالإجماع، وقولكم: لا دليل سوى المعجز: مقدمة ممنوعة.

وذُكر عن الأشعري أنّه ذَكَرَ جواباً آخر، فقال: وأيضاً فإنّ قول القائل: ما أنكرتم من جواز إظهار المعجزات على أيدي الكذابين: قولٌ متناقضٌ، والله على كل شيء قدير. ولكن ما طالب السائل بإجازته محالٌ، لا تصحّ القدرة عليه، ولا العجز عنه؛ لأنّه بمنزلة كونه أظهر المعجزات على أيديهم؛ فإنّه أوجب أنهم صادقون؛ لأنّ المعجز دليلٌ على الصدق، ومتضمنٌ له.

وقوله: مع ذلك أنهم كاذبون: نقضٌ لقوله: أنهم صادقون قد ظهرت المعجزات على أيديهم. فوجب إحالة هذه المطالبة، وصار هذا بمثابة قول


١ انظر: البيان للباقلاني ص٨١-٨٢، ٨٨-٩٠. والإرشاد للجويني ص٣١٩، ٣٢٢، ٣٢٦. وانظر ما سبق في هذا الكتاب ص ١٥٢-١٥٣،١٥٥، ٢٦٨، ٢٧٢-٢٧٥.
٢ انظر: البيان للباقلاني ص ٣٨. والإرشاد للجويني ص ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>