للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ الذي يتبيّن له فسادها: إذا لم يجد عند من يعرفه من المتكلمين في أصول الدين غيرها بقي حائراً مضطرباً١.

الفلاسفة تسلطوا على المتكلمين بسبب فساد طريقة الأعراض

والقائلون بقدم العالم؛ من الفلاسفة، والملاحدة، وغيرهم تبيّن٢ لهم فسادها؛ فصار ذلك من أعظم حججهم على قولهم الباطل؛ فيُبطلون قول هؤلاء أنّه صار فاعلاً، أو فاعلاً ومتكلماً بمشيئته بعد أن لم يكن٣، ويُثبتون وجوب دوام نوع الحوادث، ويظنّون أنّهم إذا أبطلوا كلام أولئك المتكلمين بهذا حصل مقصودهم٤. وهم٥ أضلّ وأجهل من أولئك٦؛ فإنّ أدلتهم لا توجب قدم شيء بعينه من العالم، بل كلّ ما سوى الله فهو حادث مخلوق كائن بعد أن لم يكن، ودلائل كثيرة غير تلك الطريقة٧.


١ لذلك نجد أكثر من سلك هذا المسلك أصابته الحيرة في آخر عمره؛ فمنهم من تاب وأناب، ومنهم من صرّح بما كان يخفيه، وأعلن عن رأيه في الكلام والمنطق.
وسيأتي كلام الرازي، والشهرستاني، والغزالي، وغيرهم لاحقاً إن شاء الله.
٢ في ((خ)) يبين. والصواب من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية حاكياً عن طريقة الأعراض التي سلكها المتكلمون: "فطريقتهم التي أثبتوا بها أنه خالق للخلق، مرسل للرسل، إذا حُقّقت عليهم، وُجد لازمها أنه ليس بخالق ولا مُرسِل. فيبقى المسلم العاقل إذا تبيّن له حقية الأمر، وكيف انقلب العقل والسمع على هؤلاء، متعجباً. ولهذا تسلّط عليهم بها أعداء الإسلام من الفلاسفة والملاحدة وغيرهم؛ لما بيّنوا أنّه لا يثبت بها خلق ولا إرسال؛ فادّعى أولئك قدم العالم، وأثبتوا موجباً بذاته، وقالوا: إنّ الرسالة فيض يفيض على النبيّ من جهة العقل الفعّال، لا أنّ هناك كلاماً تكلّم الله تعالى به قائماً به أو مخلوقاً في غيره". شرح العقيدة الأصفهانية - بتحقيق السعوي - ص ٣٢٩-٣٣٠.
٤ أي مقصود الفلاسفة.
٥ أي الفلاسفة.
٦ أي من المتكلمين.
٧ انظر: كلام شيخ الإسلام رحمه الله على تسلط الفلاسفة وملاحدة الصوفية على المتكلمين في: الرد على المنطقيين ص ٣١٠-٣١١. وشرح الأصفهانية ص ٣٢٩-٣٣١. ومجموع الفتاوى ١٣/١٥٧. وشرح حديث النزول ص ٤٢٠-٤٢٢، ٤٢٨. ومنهاج السنة النبوية ١/٣٥٢.
قال شيخ الإسلام: "إنّ هؤلاء المتكلمين الذين زعموا أنهم ردوا عليهم، لم يكن الأمر كما قالوه، بل هم فتحوا لهم دهليز الزندقة. ولهذا يوجد كثير ممن دخل في هؤلاء الملاحدة إنما دخل من باب أولئك المتكلمين؛ كابن عربي، وابن سبعين، وغيرهم. وإذا قام من يرد على هؤلاء الملاحدة، فإنهم يستنصرون ويستعينون بأولئك المتكلمين المبتدعين، ويعينهم أولئك على من ينصر الله ورسوله؛ فهم جندهم على محاربة الله ورسوله كما قد وجد ذلك عياناً". شرح حديث النزول ص ٤٢٢-٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>