وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"١.
ولا شكّ أنّ علم الأعلام، وشيخ الإسلام - رحمه الله - من هذه الطائفة المنصورة؛ فقد حمل أمانة العلم، وبلّغها بكلّ صدقٍ وإخلاص، وجاهد بلسانه وقلمه ويده، وأُوذي بسبب صدعه بالحقّ وحرصه على هداية الخلق، وامتحن بسبب عقيدته، وضُيِّق عليه ونُفي من بلدته، وهو رغم ذلك كلّه غير مبالٍ، لا يخاف في الله لومة لائم، حتى توفّاه الله - تعالى - معتَقَلاً، لم يخش من سلطان الباطل أو يُظهر من جَلَده على باطله مَلَلاً. وقد ذهب عصره ومضى إلى الربّ خصومه، ومات من كانوا يكيدون به، لكن لم يمت علمه ولم ينطفئ نوره بل بقي شعلةً تُنير الطريق لسالكي الطريق المستقيم؛ طريق الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
١ أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" ٣/١٥٢٣، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة..".