للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغرضٍ يعود إليه. وهذا لا يكون إلا فيمن يجوز عليه اللذّة، والألم، والانتفاع، والضرر، والله منزّهٌ عن ذلك١. فيُقال لهم ما قاله نفاة الإرادة٢، وأنتم لا تعقلون إرادة إلا فيمن يجوز عليه اللذّة والألم والانتفاع والضرر، وقد قلتم أنّ الله تعالى مريدٌ؛ فإمّا أن تطردوا أصلكم النافي، فتنفوا الإرادة؛ أو المثبت، فتُثبتوا اللذّة، وإلا، فما المفرق٣؟ فإذا قال نفاة الإرادة٤: فلهذا نفينا الإرادة؛ كما رجّحه الرازي في المطالب العالية٥، واحتجّ به الفلاسفة. قيل لهم: فانفوا أن يكون فاعلاً، فإنكم لا تعلمون فاعلاً غير مقهور إلا بإرادة، ولا يعقلون ما يفعل ابتداءً إلا بإرادة، أو فاعلاً حياءً إلا بإرادة، أو فاعلاً مطلقاً إلا بإرادة٦.


١ انظر: التمهيد للباقلاني ص ٥٠ - حيث ذكر هذا الكلام بنصّه. وكتاب الأربعين للرازي ص ٢٥٠. والمواقف في علم الكلام للإيجي ص ٣٣١-٣٣٢.
وقد ردّ شيخ الإسلام رحمه الله على هذه الحجة بأربعة وجوه. انظر: شرح الأصفهانيّة ٢٣٦٩-٣٧١.
٢ من الجهميّة والمعتزلة.
٣ معنى ذلك: "إذا أردتم به أنّ حكمة الله هي ما ذكرتم، فهي دعوى بلا برهان؛ لأنّ حكمة الربّ تعالى فوق تحصيل اللذّة ودفع الألم، بل هو يتعالى عن ذلك؛ لأنّ ما ذكر غرض المخلوق. أمّا الخالق سبحانه فهو غنيّ بذاته عن كلّ ما سواه، حكمته سبحانه لا تُشابه حكمة المخلوقين، كما أنّ إرادته وسائر صفاته لا تُشابه صفات المخلوقين. فحكمته سبحانه أجلّ وأعلى من أن يُقال إنّها تحصيل لذّة، أو دفع ألم وحزن". الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى ص ٧٢. وانظر: التدمرية ص ٣٤.
٤ الجهميّة والمعتزلة.
٥ انظر: المطالب العالية للرازي ٣٢١٧.
٦ المقصود أنّ المعتزلة القدرية يُثبتون أنّ الله فاعل. وشيخ الإسلام رحمه الله يلزمهم بإثبات الإرادة؛ لأنّه لا يعقل فاعل غير مقهور إلا بإرادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>