للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الكسب عند االأشاعرة

وهم لا يقولون به، بل قدرة العبد عندهم لا [تتعلّق] ١ إلا بفعل في محلّها، مع أنّها عند شيخهم٢ غير مؤثرة في المقدور، ولا يقول أنّ العبد فاعلٌ في الحقيقة، بل كاسب٣.


١ في ((خ)) : يتعلق. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ المقصود به أبو الحسن الأشعري. قال في مقالات الإسلاميين ٢٢٢١: (والحق عندي أنّ معنى الاكتساب هو أن يقع الشيء بقدرة محدثة، فيكون كسباً لمن وقع بقدرته) .
وقال الشهرستاني في الملل والنحل ١٩١: (قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري: إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يُشاركه في الخلق غيره، فأخص وصفه تعالى هو القدرة على الاختراع) .
وقال الشهرستاني عن الكسب، وتأثير القدرة عند الأشعريّ:
"ثمّ على أصل أبي الحسن: لا تأثير للقدرة الحادثة في الإحداث؛ لأنّ جهة الحدوث قضيّة واحدة لا تختلف بالنسبة إلى الجوهر والعرض..... أنّ الله تعالى أجرى سنّته بأن يحقق عقيب القدرة الحادثة، أو تحتها، أو معها الفعل الحاصل إذا أراده العبد وتجرّد له. ويُسمّى هذا الفعل كسباً، فيكون خلقاً من الله تعالى إبداعاً وإحداثاً، وكسباً من العبد، حصولاً تحت قدرته". الملل والنحل للشهرستاني ١٩٧. وانظر: اللمع للأشعري ص٩٣-٩٥. والإنصاف للباقلاني ص٧٠-٧١. والإرشاد للجويني ص ٢٠٨-٢١٠. وأصول الدين للبغدادي ص ١٣٣-١٣٧.
٣ الكسب عند الأشعريّ:
قال الأشعري عن الكسب: (فكل من وقع منه الفعل بقدرة قديمة، فهو فاعل خالق، ومن وقع منه بقدرة محدثة فهو مكتسب. وهذا قول أهل الحق) . مقالات الإسلاميين ١٥٣٩.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الكسب عند الأشعرية: "وهم وإن كانوا لا يُثبتون لقدرة العبد أثراً في حصول المقدور، فإنّهم يُفرّقون بين ما كان في محل القدرة فيجعلونه مقدوراً للعبد، وما كان خارجاً عن محل القدرة فلا يجعلونه مقدوراً للعبد. وأكثر من نازعهم يقول: إنّ هذا كلام لا يُعقل؛ فإنّه إذا لم يثبت للقدرة أثر، لم يكن الفرق بين ما كان في محلّ القدرة، وبين ما كان في غير محل القدرة إلا فرقاً في محلّ الحادث، من غير أن يكون للقدرة في ذلك تأثير. وتسمية هذا مقدوراً دون هذا تحكّم محض، وتفريق بين المتماثلين.
ولهذا قال بعض الناس: عجائب الكلام التي لا حقيقة لها ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري.
وإذا قيل لهؤلاء: الكسب الذي أثبتموه لا تُعقل حقيقته. فإذا قالوا: الكسب ما وُجد في محل القدرة المحدثة مقارناً لها من غير أن يكون للقدرة تأثير فيه. قيل لهم: فلا فرق بين هذا الكسب، وبين سائر ما يحدث في غير محلها وغير مقارن لها؛ إذ اشتراك الشيئين في زمانهما ومحلهما لا يُوجب كون أحدهما له قدرة على الآخر؛ كاشتراك العرضين الحادثين في محل واحد، في زمان واحد. بل قد يُقال: ليس جعل الكسب قدرة والقدرة كسباً بأولى من العكس إذا لم يكن إلا مجرد المقارنة في الزمان والمحل". كتاب الصفدية ١١٤٨، ١٥٠-١٥٢. وانظر: المصدر نفسه ٢٣٣١. ومنهاج السنة النبوية ٣١٣، ١٠٩. ودرء تعارض العقل والنقل ٨٣٢٠. وشرح الأصفهانية ١١٥٠، ٢٣٥٠. ومجموع الفتاوى ٣٠١٣٩.
وانظر: أيضاً: أصول الدين للبغدادي ص١٣٣-١٣٤. وشرح الجوهرة للبيجوري ص ١٠٤. والعقيدة الإسلامية لعبد الرحمن حبنكة ص ٧٥٧-٧٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>