للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تناقضوا في هذا الموضع١ [فجعلوه] ٢ متكلماً بكلام يقوم بغيره، وجعلوه عادلاً ومحسناً بعدلٍ وإحسانٍ يقوم بغيره؛ كما قد بُسط في غير هذا الموضع٣.

وحينئذٍ فما بقي يمكنهم أن يُفرّقوا بين ممكن وممكن من جميع الأجناس؛ أي يقولوا: هذا يحسن من الرب فعله، وهذا يُنزّه عنه. بل يجوز عندهم أن يفعل كلّ ممكن مقدور.

معنى الظلم عند الأشاعرة

والظلم عندهم هو فعل ما نهى المرء عنه، أو التصرّف في ملك الغير٤. وكلاهما ممتنعٌ في حقّ الله. فأما أن


١ أي وصفه بالصفات الفعليّة القائمة بغيره.
٢ في ((خ)) : فلم يجعلوه. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ انظر: كتاب الصفدية ١١٥٣-١٥٤. وشرح الأصفهانية ١٢٥-٢٨. ومنهاج السنة النبوية ٢١٠٧-١٢٠. ودرء تعارض العقل والنقل ٥٢٤٢-٢٥٠.
٤ انظر: التمهيد للباقلاني ص٣٨٤-٣٨٥. وأصول الدين للبغدادي ص١٣١-١٣٣. وشرح المقاصد للتفتازاني ٤٢٧٤-٢٨١. وشرح العقائد العضدية لجلال الدواني ٢١٨٦-١٨٩.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذه الطائفة إنهم يقولون: (الظلم ليس بممكن الوجود، بل كل ممكن إذا قُدّر وجوده منه فإنّه عدلٌ. والظلم هو الممتنع؛ مثل الجمع بين الضدّين، وكون الشيء موجوداً معدوماً؛ فإنّ الظلم إمّا التصرف في ملك الغير، وكل ما سواه ملكه؛ وإمّا مخالفة الآمر الذي تجب طاعته. وليس فوق الله تعالى آمرٌ تجب عليه طاعته. وهؤلاء يقولون: مهما تصور وجوده، وقُدّر وجوده فهو عدل. وإذا قالوا كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، فهذا أمر أُوهم. وهذا قول المجبرة؛ مثل جهم ومن اتبعه. وهو قول الأشعري ومن اتبعه، وأمثاله من أهل الكلام، وقول من وافقهم من الفقهاء، وأهل الحديث، والصوفية) . جامع الرسائل ١١٢١-١٢٢.
قال الأشعري: "وهو المالك في خلقه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو أدخل الخلائق بأجمعهم الجنة، لم يكن حيفاً، ولو أدخلهم النار لم يكن جوراً؛ إذ الظلم هوالتصرف فيما لا يملكه المتصرف، أو وضع الشيء في غير موضعه. وهو المالك المطلق فلا يتصور منه ظلم، ولا ينسب إليه جور". الملل والنحل ١١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>