للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تدلّ. وقال آخرون: تدلّ مع الدعوى، ولا تدلّ مع عدم الدعوى١. وهذا يبطل كونها دليلاً٢.

وآخرون٣ أرادوا تحقيق ذلك، فقالوا: تدل [دلالة] ٤ وضعيّة من جنس دلالة اللفظ على مراد المتكلم؛ تدل أن قصد الدلالة، ولا تدلّ بدون ذلك؛ فهي تدلّ مع الوضع دون غيره٥.

رد شيخ الإسلام عليهم

فيقال لهم: وما يدلّ على قصد المتكلّم، هو أيضاً دليلٌ مطّرد، يمتنع وجوده بدون المدلول، ودلالته تعلم بالعقل؛ فجميع الأدلة تعلم بالعقل دلالتها على المدلول؛ فإنّ ذلك اللفظ إنّما يدلّ إذا عُلم أنّ المتكلّم أراد به هذا المعنى. وهذا قد يُعلم ضرورة، وقد يُعلم نظراً؛ فقد يُعلم قصد المتكلم بالضرورة؛ كما يُعلم أحوال الإنسان بالضرورة؛ فيفرّق بين حمرة الخجل، وصفرة الوجل، وبين حمرة المحموم، وصفرة المريض بالضرورة٦. وقد يُعلم نظراً واستدلالاً؛ كما يُعلم أنّ عادته إذا قال كذا: أن يريد كذا، وأنّه لا ينقض عادته إلاّ إذا بيّن ما يدلّ على انتقاضها؛ فيُعلم هذا، كما يُعلم سائر العاديات؛ مثل طلوع الشمس كلّ يوم، والهلال كل شهر، وارتفاع الشمس في الصيف، وانخفاضها في الشتاء.


١ انظر: البيان للباقلاني ص ٩٤. والإرشاد للجويني ص ٣١٩، ٣٢٤.
٢ انظر ردّ شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المقولة في الجواب الصحيح ٦/٣٨٠.
٣ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٤، ٣٢٥. والاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص ١٧٠.
٤ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٥ وهذه مقولة الأشعرية. وقد سبق ردّ شيخ الإسلام رحمه الله عليها من عدة وجوه في هذا الكتاب. وقد عقد رحمه الله فصلاً عن هذا الموضوع، وحقق الكلام فيه، وسيأتي ص ٢٦٨-٢٧١.
٦ انظر: شرح الأصفهانية ٢/٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>