للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنفس إخبار الرسول بهذا في أول الأمر، وقطعه بذلك، مع علمه بكثرة الخلق، دليلٌ على أنّه كان خارقاً يعجز الثقلين عن [معارضته] ١. وهذا لا يكون لغير الأنبياء.

ثمّ مع طول الزمان، قد سمعه الموافق، والمخالف، والعرب، والعجم. وليس في الأمم [من] ٢ أظهر كتاباً يقرأه الناس، وقال إنّه مثله. وهذا يعرفه كلّ أحدٍ.

وما من كلام تكلم به الناس وإن كان في أعلى طبقات الكلام لفظاً ومعنىً، إلا وقد قال الناس نظيره، وما يشبهه ويقاربه؛ سواء كان شعراً، أو خطابةً، أو كلاماً في العلوم، [والحِكَمِ] ٣ والاستدلال، والوعظ، والرسائل، وغير ذلك. وما وجد من ذلك شيء، إلاَّ ووجد ما يشبهه ويقاربه.

والقرآن ممّا يعلم الناس؛ عربهم، وعجمهم أنّه لم يُوجد له نظيرٌ، مع حرص العرب، وغير العرب على معارضته؛ فلفظه آية، ونظمه آية، وإخباره بالغيوب آية، وأمره ونهيه آية، ووعده ووعيده آية، وجلالته وعظمته وسلطانه على القلوب آية٤. وإذا ترجم بغير العربي٥ كانت


١ في ((خ)) : معارضة. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ في ((خ)) : ممن. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ في ((م)) ، و ((ط)) : الحكمة.
٤ انظر: أعلام النبوة للماوردي ص ٩٩-١٢١. وإعجاز القرآن للباقلاني ص ٨٣-١٠٢؛ فقد ذكر وجوهاً عدّة لإعجاز القرآن.
٥ قال شيخ الإسلام رحمه الله: "القرآن يجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاق العلماء". الجواب الصحيح ٢/٥٥.
وقال أيضاً عن ألفاظ القرآن: "ولكن يجوز تفسيرها باللسان العربي، وترجمتها بغير العربيّ) . الجواب الصحيح ٣/٢٠.
والشيخ رحمه الله يقصد ترجمة معاني وتفسير القرآن إلى لغة أخرى.
ولا يُراد بالترجمة ها هنا الترجمة الحرفية لألفاظ القرآن، فهذه لا خلاف في أنّها محرّمة، تؤدّي إلى تحريف القرآن. انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني ٢/٢٧. والبرهان في علوم القرآن للزركشي ١/٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>