للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف الدليل

آيات الأنبياء وإن لم يتحدوا بها فهي دلائل على النبوة

بل آيات الأنبياء آيات، وإن لم ينطقوا بالتحدي بالمثل. وهي دلائل على النبوّة، وصدق المخبِر بها. والدليل مغايرٌ للمدلول عليه، ليس المدلول عليه جزءاً من الدليل. لكن إذا قالوا: الدليل هو دعاء الرسول، لزمه أن يريهم آية، وخلق تلك الآية عقب سؤاله. وإن كان ذلك قد يخلقه بغير سؤاله لحكمة أخرى. فهذا متوجّه؛ فالدليل هو مجموع طلب العلامة، مع فعل ما جعله علامة؛ كما أنّ العباد إذا دعوا الله فأجابهم، كان ما فعله إجابةً لدعائهم، ودليلاً على أنّ الله سمع دعاءهم، وأجابهم؛ كما أنّهم إذا استسقوه فسقاهم، واستنصروه فنصرهم، وإن كان قد يفعل ذلك بلا دعاء، [فلا يكون هناك دليلٌ على إجابة دعاء. فهو دليلٌ على إجابة الدعاء] ١ إذا وقع عقب الدعاء، ولا يكون دليلاً إذا وقع على غير هذا الوجه.

وكذلك الرسول: إذا قال لمرسله: أعطني علامة. فأعطاه ما شرّفه به، كان دليلاً على رسالته، وإن كان قد يفعل ذلك لحكمة أخرى. لكن فعل ذلك عقب سؤاله، آية لنبوته هو الذي يختص به.

وكذلك إذا علم أنه فعله إكراماً له، مع دعواه النبوة، علم أنّه قد أكرمه بما يكرم به الصادقين عليه، فعلم أنّه صادق؛ لأنّ ما فعله به مختص بالصادقين الأبرار، دون الكاذبين عليه الفجّار.

كرامات الأولياء من آيات الأنبياء

وعلى هذا فكرامات الأولياء هي من آيات الأنبياء٢؛ فإنها مختصة بمن شهد لهم بالرسالة، وكلّ ما استلزم صدق الشهادة بنبوتهم، فهو دليلٌ على صدق هذه الشهادة؛ سواءٌ كان الشاهد بنبوّتهم المخبِر بها هم، أو


١ ما بين المعقوفتين ساقطٌ من ((ط)) .
٢ انظر: دقائق التفسير لشيخ الإسلام رحمه الله ١١٥٩. وانظر: تفسير القرطبي ١٣١٣٧. ودلائل النبوة لابن كثير ضمن البداية والنهاية ٦١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>