للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بسط هذا في غير هذا الموضع١.

ما جاء به الرسول يدل عليه السمع والعقل

والمقصود هنا: أنّ ما جاء به الرسول يدلّ عليه السمع والعقل، وهو حقّ في نفسه؛ كالحكم الذي يحكم به؛ فإنه يحكم بالعدل؛ وهو الشرع. فالعدل هو الشرع، والشرع هو العدل.

ولهذا يأمر نبيه أن يحكم بالقسط، وأن يحكم بما أنزل الله. والذي أنزل الله هو القسط، والقسط هو الذي [أنزله] ٢ الله. وكذلك الحق، والصدق هو ما أخبرت به الرسل، وما أخبرت به فهو الحق، والصدق.

ذم السلف لأهل الكلام

[والسلف] ٣ والأئمة ذموا أهل الكلام المبتدعين؛ الذين خالفوا الكتاب، والسنّة٤. ومن خالف الكتاب والسنة لم يكن كلامه إلا باطلاً؛ فالكلام الذي ذمّه السلف يُذمّ لأنّه باطل، ولأنّه يُخالف الشرع٥.

الشافعي وأحمد ذمّا كلام الجهمية

من الناس من ظن أن السلف أنكروا كلام القدرية فقط

ولكنّ لفظ الكلام لمّا كان مجملاً، لم يعرف كثيرٌ من الناس الفرق بين الكلام الذي ذموه، وغيره؛ فمن الناس من يظن أنّهم إنّما أنكروا كلام القدرية فقط؛ كما ذكره البيهقي٦،


١ انظر: درء تعارض العقل والنقل ٧٣٩٤.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : أنزل.
٣ ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.
٤ سبقت الإشارة إلى ذلك ص ٣٢٠-٣٢٤.
٥ قال الإمام البربهاري رحمه الله: "اعلم أنها لم تكن زندقة، ولا كفر، ولا شكوك، ولا بدعة، ولا ضلالة، ولا حيرة في الدين، إلا من الكلام، وأهل الكلام والجدل والمراء والخصومة والعجب". شرح السنة للبربهاري ص ٤٨.
٦ انظر تبيين كذب المفتري لابن عساكر ٣٤١، ٣٤٤-٣٥٢؛ حيث نقل كلام البيهقي في أنّ الشافعيّ إنّما قصد بذمّه لأهله الكلام القدرية، ومنهم حفص الفرد.
والبيهقي هو: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعيّ، شيخ خراسان، ومن أئمة المحدثين. ولد سنة ٣٨٤ ?، وتوفي سنة ٤٥٨ ?. قال عنه إمام الحرمين الجويني: "ما من شافعيّ إلا وللشافعي في عنقه منّة، إلا البيهقي؛ فإنّه له على الشافعي منّة؛ لتصانيفه في نصرته لمذهبه وأقاويله".
انظر: طبقات الشافعية ٤٨-١٦. وشذرات الذهب ٣٣٠٤-٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>