للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسط هذا له موضع آخر١.

المبتدعة ابتدعوا أصولاً تخالف الكتاب

والمقصود هنا: أنّ المبتدعين الذين ابتدعوا كلاماً وأصولاً تُخالف الكتاب، وهي أيضاً مخالفة للميزان؛ وهو العدل؛ فهي مخالفة للسمع، والعقل؛ كما ابتدعوا في إثبات الصانع إثباته بحدوث الأجسام، وأثبتوا حدوث الأجسام بأنّها مستلزمة للأعراض لا تنفكّ عنها. قالوا: وما لا يخلو عن الحوادث، فهو حادث؛ لامتناع حوادث لا أول لها.

فهؤلاء٢ إذا حقق عليهم ما قالوه، لم يوجدوا قد [أثبتوا] ٣ العلم بالصانع، ولا أثبتوا النبوة، ولا أثبتوا المعاد. وهذه هي أصول الدين والإيمان٤. بل كلامهم في الخلق، والبعث؛ المبدأ والمعاد، وفي إثبات الصانع ليس فيه تحقيق العلم لا عقلاً، ولا نقلاً.


١ قال شيخ الإسلام رحمه الله يؤصل المسائل المختلف فيها، يبين حال الخصوم بياناً شافياً، ثم يكر عليه بالرد، وذلك بهدم الباطل الذي عند الخصم وإحلال الحق مكانه، قال رحمه الله: "فإن المبتدع الذي بنى مذهبه على أصل فاسد، فينبغي إذا كان المناظر مدعيا أن الحق معه أن يبدأ بهدم ما عنده فإذا انكسر وطلب الحق فأعطه إياه، وإلا فما دام معتقداً نقيض الحق لم يدخل الحق إلى قلبه، كاللوح الذي كتب فيه كلام باطل، أمحه أولاً، ثم أكتب فيه الحق"
بل يرى مناظرة أهل البدع، ودحض شبهاتهم؛ فيقول رحمه الله: "فكلّ من لم يُناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقّه، ولا وفى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامه العلم واليقين". مجموع الفتاوى ٧١٥٨-١٥٩. وانظر منهج شيخ الإسلام في الرد على خصومهم: موقفه من الأشاعرة ١٢٨٤-٣١٨ درء تعارض العقل والنقل ١٣٥٧. وانظر: المصدر نفسه ١٢٣٢-٢٣٧.
٢ المبتدعة؛ أصحاب دليل الأعراض وحدوث الأجسام.
٣ في ((خ)) : أثبتو.
٤ انظر طريقة المتكلمين في إثبات أصول الدين، وذمّ السلف لهذه الطريقة في كتاب الصفدية ١٢٧٤-٢٧٥، ٢٧٧-٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>