للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنة الجزاء مخلوقة والرد على من أنكر ذلك وجنة الجزاء مخلوقة أيضاً.

وقد أنكر بعض أهل البدع١ أن تكون مخلوقة، وقال: إنّ آدم لم يدخلها؛ لكونها لم تخلق بعد. فأنكر ذلك عليه من أنكره من علماء السنة.

وقد ذكر أبو العالية، وغيره من السلف: أنّ الشجرة التي نُهي عنها آدم كان لها غائط، فلما أكل احتاج إلى الغائط٢، وجنة الجزاء ليس فيها هذا. لكن الله أعلم بصحة هذا النقل.

وإنما المقصود: أنّ بعض السلف كان يقول إنّها في السماء، وبعضهم يقول إنها في مكان عال من الأرض.

ولفظ الجنة في القرآن: قد ذُكر فيما شاء الله من المواضع، وأريد به جنة في الأرض.

وجنّة الجزاء مخصوصة بمماتهم؛ كقوله: {قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِين} ٣؛ فإنّ أرواح


١ قال شارح الطحاوية: "اتفق أهل السنة على أنّ الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، ولم يزل على ذلك أهل السنة، حتى نبغت نابغة من المعتزلة والقدرية فأنكرت ذلك، وقالت: بل يُنشئهما الله يوم القيامة. وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله، وأنه ينبغي أن يفعل كذا، ولا ينبغي له أن يفعل كذا، وقاسوه على خلقه في أفعاله، فهم مشبهة الأفعال". ثمّ ذكر النصوص التي تردّ عليهم. انظر شرح الطحاوية ص ٦١٥-٦٢٠.
ولقد أطال النفس في توضيح هذه المسألة العلامة ابن القيم رحمه الله؛ فذكر أنّ الجنة مخلوقة، وموجودة الآن، وأنّ هذا قول أهل السنة قاطبة، والرسل من أولهم إلى آخرهم، إلى أن نبغت نابغة القدرية والمعتزلة، فأنكرت أن تكون مخلوقة الآن. ثمّ أورد شبههم التي يحتجون بها، وأجاب عنها مفنّداً كلّ قول بالدليل.
انظر: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص ٣٨-٥١، ٧٦-٨١.
٢ انظر: تفسير الطبري ١٢٣٦.
٣ سورة يس، الآيتان ٢٦-٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>