للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخالق، والمحدَث نفسه يُعلم بصريح العقل أنّ له محدِثاً.

وهذه الأدلة التي [تدلّ] ١ بنفسها قد تُسمّى الأدلة العقلية، ويسمّى النوع الآخر٢ الأدلة الوضعية؛ لكونها إنّما دلّت بوضع واضع.

والتحقيق: أنّ كلاهما عقلي، إذا نظر فيه العقل علم مدلوله٣.

لكنّ هذه تدلّ بنفسها، وتلك تدلّ بقصد الدالّ بها؛ فيعلم بها قصده. وقصده هو الدالّ بها؛ كالكلام؛ فإنّه يدلّ بقصد المتكلم به، وإرادته، وهو يدلّ على مراده، وهو يدلنا بالكلام على ما أراد، ثم يستدلّ بإرادته على لوازمها؛ فإن اللازم أبداً مدلولٌ عليه بملزومه.

والآيات التي [تدلّ] ٤ بنفسها مجرّدة نوعان؛

منها: ما هو ملزومٌ مدلولٌ عليه بذاته، لا يمكن وجود ذاته دون وجود لازمه المدلول عليه؛ مثل دلالة المخلوقات على الخالق.


١ في ((خ)) : يدلّ. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ الذي يدلّ بدلالة الدالّ به. وقد سبق تقسيم شيخ الإسلام رحمه الله هذا للأدلة إلى عقلية، ووضعية.
راجع ص ٢٦٧، ٣٩٣-٣٩٧ من هذا الكتاب.
٣ وقد شرح شيخ الإسلام رحمه الله هذه العبارة في موضع آخر، فقال: "تدبّرت عامّة ما يذكره المتفلسفة والمتكلمة، والدلائل العقلية، فوجدت دلائل الكتاب والسنة تأتي بخلاصته الصافية عن الكدر، وتأتي بأشياء لم يهتدوا لها، وتحذف ما وقع منهم من الشبهات والأباطيل مع كثرتها واضطرابها.... - إلى أن قال رحمه الله -: كلّ علم عقليّ أمر الشرع به، أو دلّ عليه، فهو شرعيّ أيضاً؛ إمّا باعتبار الأمر، أو الدلالة، أو باعتبارهما جميعاً".
مجموع الفتاوى ١٩٢٣٢-٢٣٣. وانظر: المصدر نفسه ٢٤٦، ٦١،، ١٦٢٥١-٢٥٣، ٢٦٠-٢٦٤،، ١٩٢٢٨-٢٣٤. ودرء تعارض العقل والنقل ٥٢٧٠-٢٧١.
٤ في ((خ)) : يدلّ. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>