ومما قاله شيخ الإسلام رحمه الله في ردّه على حصرهم العلم في الدليل والقياس: "فنقول هذا الذي قالوه إما أن يكون باطلاً، وإما أن يكون تطويلاً يُبعد عن الطريق على الطالب المستدلّ، فلا يخلو عن خطأ يصدّ عن الحقّ، أو طريق طويل يتعب صاحبه حتى يصل إلى الحق، مع إمكان وصوله بطريق قريب، كما كان يمثله بعض سلفنا، بمنزلة من قيل له: أين أذنك؟ فرفع يده فوق رأسه رفعاً شديداً، ثم أدارها إلى أذنه اليسرى، وقد كان يمكنه إلى اليمنى، أو اليسرى من طريق مستقيم. وما أشبه هؤلاء بقول القائل: أقام يعمل أياماً رَوِيَّتَه ... وشَبَّه الماء بعد الجهد بالماء وقول الآخر: وإني وإني ثمّ إني وإنّني ... إذا انقطعت نعلي جعلتُ لها شِسعاً وما أحسن ما وصف الله به كتابه بقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء ٩] . فأقوم الطرق إلى أشرف المطالب: ما بعث الله به رسوله. وأما طريق هؤلاء: فهي مع ضلالهم في البعض، واعوجاج طريقهم، وطولها في البعض الأخرى إنّما يوصلهم إلى أمر لا يُنجي من عذاب الله، فضلاً عن أن يوجب لهم السعادة، فضلاً عن حصول الكمال للأنفس البشرية بطريقهم) . الرد على المنطقيين ص١٦٢. وانظر المصدر نفسه ص ٣١٦.