للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا١: أنّ هذه المعيّنات؛ كالنجوم، والجبال، والطرق، وأعلام الطرق: كلّها آيات، وأعلام، وعلامات على ما هو لا زم لها في العادة.

وكذلك قد يستدلّ على منزل الشخص بما هو ملازم؛ من دور الجيران، والباب، وغير ذلك، وشجرة هناك، وغير ذلك من العلامات التي يذكرها الناس يستدلّون بها، ويدلّون غيرهم بها.

وسُمِّيَت الجبال أعلاماً؛ لأنّها مرتفعة عالية، والعالي يظهر، ويُعلم، ويُعرف قبل الشيء المنخفض، ولهذا يوصف العالي بالظهور؛ كقوله: { [فَمَا اسْتَطَاعُوا] ٢ أَنْ يَظْهَرُوهُ} ٣، ويقال ظهر الخطيب على المنبر. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء" ٤؛


١ وقد أشار شيخ الإسلام رحمه الله إلى مثل هذا الموضوع - وهو الاستدلال بالكلي على الكلي، وبالجزئي على الجزئي الملازم له - ومثّل لذلك بأمثلة، منها: الاستدلال بطلوع الشمس، على النهار، ومنها الاستدلال بالكواكب على جهة الكعبة وغيرها، وكذلك الاستدلال بالأمكنة على المواقيت والأمكنة، وأيضاً الاستدلال بالجبال والأنهار، والاستدلال بالكعبة على جهات الأرض، والاستدلال بالأبنية والأشجار ... ثمّ قال رحمه الله تعالى: "فهذا وأمثاله استدلال بأحد المتلازمين على الآخر، وكلاهما معين جزئي، وليس هو من قياس التمثيل". انظر: الرد على المنطقيين ص ١٦٣-١٦٥.
٢ وهي قراءة الجمهور.
انظر: الغاية في القرءات العشر للحافظ النيسابوري ص ٢٠٠.
٣ سورة الكهف، الآية ٩٧.
قال ابن الجوزي رحمه الله في تفسير قوله: {أَنْ يَظْهَرُوهُ} : أي يعلوه؛ يقال: ظهر فلان فوق البيت؛ إذا علاه. والمعنى: ما قدروا أن يعلوه لارتفاعه وإملاسه.
زاد المسير لابن الجوزي ٥١٩٤.
٤ جزء من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه ٤٢٠٨٤، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع. وأحمد في مسنده ٢٣٨١. وأبو داود في سننه ٤٤٢٦، كتاب الأدب، باب ما يقول عند النوم. والترمذي في جامعه ٥٤٧٢، كتاب الدعاء، باب ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه. وابن ماجه في سننه ٢١٢٥٩-١٢٦٠، ١٢٧٤-١٢٧٥، كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>