للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي جعلت علامات على حدود الحرم، و [الأميال] ١ التي تجعل في الطرقات؛ فإنّه قصد بها الدلالة على الطريق؛ أي قصد الناس بها ذلك.

الدلالة القصدية نوعان:

النوع الأول:

وهذا النوع قسمان: منه ما يكون بالاتفاق والمواطأة بين اثنين فصاعداً؛ كما يتفق الرجل مع وكيله على علامة لمن يرسله إليه؛ مثل وضع خنصره في خنصره٢؛ ومثل وضع يده على ترقوته؛ كما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم جعل ذلك علامة مع بعض الناس٣؛ وكما يجعل الملوك وغيرهم لهم علامات عند بعض الناس: من جاء بها، عرفوا أنّه مرسل من جهته.


١ في ((خ)) : الأمثال. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ الخنصر: صغرى الأصابع. انظر: تهذيب اللغة ٧٦٦٠.
وقد سبق بحث مثل هذا الموضوع في ص ٤٦٣ من كتاب النبوات.
٣ لم أقف أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على ترقوته علامة مع بعض الناس فيما اطلعت عليه من كتب الحديث، ولكن ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عمامته إلى سعد بن عبادة كدليل على صدق مخبره بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا أرسل نعليه مع أبي هريرة ليبشر الناس، فكانت علامة على أنه مرسل من النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: ص ٧٦٩-٧٧٠.
وقد رُوي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أمر بقتل عبد الله بن سعد بن أبي السرح، لمّا ارتدّ مشركاً، فلما فتح النبيّ صلى الله عليه وسلم مكة فرّ عبد الله إلى عثمان بن عفان - وكان أخاه من الرضاعة - فغيّبه عثمان، حتى أتى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأنّ الناس وأهل مكة، فاستأمن له، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال: نعم. فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: ما صَمَتُّ إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه. فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأتَ إليَّ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ النبيَّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين".
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢٣٧٩. والسيرة النبوية لابن هشام ٣٤٠٩. والإصابة في تمييز الصحابة ٢٣١٧.
ومما يُفهم من هذا الحديث أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يستخدم الإشارة مع غيره إذا كان حاضراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>