للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتادة للأنبياء؛ مثل الخبر الصادق بغيب الله تعالى الذي لا يُعرف إلا من جهتهم.

فما كان معتاداً للأنبياء دون غيرهم فهو من أعظم آياتهم وبراهينهم، وإن كان معتاداً لهم، فإن الدليل هو: ما يستلزم المدلول عليه.

فإذا لم يكن ذلك معتاداً إلا لنبيّ، كان مستلزماً للنبوة، وكان من أتى به لا يكون إلاّ نبياً، وهو المطلوب.

بل لو كان مستلزماً للصدق، ولا يأتي به إلا صادق، لكان المخبر عن نبوة نبيّ؛ إمّا نبوةُ نفسه، أو نبوةٌ غيرها.

وإذا كان كاذباً، لم يحصل له مثل ذلك الدليل الذي [هو] ١ مستلزم للصدق.

ولا يحصل أيضاً لمن كذّب بنبوة نبيّ صادق؛ إذ هو أيضاً كاذب، وإنما يحصل لمن أخبر بنبوّة نبيّ صادق.

وحينئذٍ فيكون ذلك الدليل مستلزماً للخبر الصادق بنبوّة النبي، وهذا هو المطلوب؛ فإن مدلول الآيات سواء سميت معجزات، أو غيرها، والخبر الصادق بنبوة النبي، ومدلولها: إخبار الله، وشهادته بأنه نبي، وأنّ الله أرسله؛ فقول الله: {محمّد رسول الله} ٢، وقوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} ٣، وقول كل مؤمن: إنه رسول الله٤؛ كلّ ذلك خبرٌ عن


١ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٢ سورة محمد، الآية ٢٩.
٣ في سورة الأعراف، الآية ١٥٨: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} .
٤ نطق المؤمن بأنّ محمّداً رسول الله في مواطن كثيرة، منها على سبيل المثال: في الأذان، وبعد الانتهاء منه، وبعد الوضوء، وعند الدخول إلى المسجد، وفي التشهد الأول والثاني من الصلاة، وبعد الخروج من المسجد. وفي أماكن كثيرة، ليس هذا مكان حصرها.
وقد جمع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى المواضع التي يُصلّى فيها على رسول الله، ويُذكر في كتاب مستقلّ، اسمه: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام (مطبوع) .
وقال الشاعر:
لو لم يقل إني رسول لكا
ن شاهد في هديه ينطق.
زاد المعاد ٤٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>