للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيق: أن كلا القولين حق؛ فإنّه يحصل بها علم ضروري، والأدلة النظرية توافق ذلك.

وكذلك كثيرٌ من الأدلة - والعلامات، والآيات:

من الناس من يعرف استلزامها للوازمها بالضرورة، ويكون اللزوم عنده بيِّناً، لا يحتاج فيه إلى وسط ودليل.

ومنهم من يفتقر إلى دليل، ووسط يبيِّن له أنّ هذا الدليل مستلزمٌ لهذا الحكم، وهذا الحكم لازم له.

ومن تأمل معارف الناس وجد أكثرها من هذا الضرب؛ فقد يجيء المخبر إليهم بخبر، فيعرف كثير منهم صدقه أو كذبه بالضرورة، لأمور تقترن بخبره. وآخرون يشكّون في هذا. ثمّ قد [يتبين] ١ لبعضهم بأدلة، وقد لا يتبيَّن.

كثير من الناس يعلم صدق النبي بلا آية

وكثيرٌ من الناس يعلم صدق المخبر بلا آية البتة٢، بل إذا أخبره، وهو


١ في ((خ)) : تبين. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ مثل خديجة رضي الله عنها، وأبي بكر رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "قلت: وإيمان خديجة وأبي بكر وغيرهما من السابقين الأولين، كان قبل انشقاق القمر، وقبل إخباره بالغيوب، وقبل تحدّيه بالقرآن، لكن كان بعد سماعهم القرآن الذي هو نفسه آية مستلزمة لصدقه. ونفس كلامه وإخباره بأني رسول الله، مع ما يعرف من أحواله، مستلزم لصدقه، إلى غير ذلك من آيات الصدق وبراهينه. بل خديجة قالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق. فكانت عارفة بأحواله التي تستلزم نفي كذبه وفجوره وتلاعب الشيطان به. وأبو بكر كان من أعقل الناس وأخيرهم، وكان معظماً في قريش لعلمه وإحسانه وعقله، فلما تبين له حاله، علم علماً ضرورياً أنه نبي صادق، وكان أكمل أهل الأرض يقيناً علماً وحالاً.." الجواب الصحيح ٦٥١١-٥١٢. وانظر: شرح الأصفهانية ٢٤٧٩-٤٨٦. وكتاب الصفدية ١٢٢٥. والحديث سبق تخريجه ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>