للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هندا وإما أختها" و"جاءني إما زيد وإما عمرو"، بمنزلة "أو" في العطف والمعنى، وقال أبو علي وابنا كيسان١ وبرهان٢: هي مثلها في المعنى فقط، ويؤيده قولهم: إنها مجامعة للواو لزوما، والعاطف لا يدخل على العاطف؛ وأما قوله٣: [البسيط]

٤٢٢- أيما إلى جنة أيما نار٤


= فائدة ثالثة: اتفق النحاة على أن "إما، لا تأتي بمعنى الواو، ولا بمعنى "بل"، وإنما تأتي لما تأتي له "أو" من المعاني المشهورة المتفق عليها؛ وهي التخيير والإباحة بعد الطلب، والشك والإبهام بعد الخبر.
فائدة رابعة: اختلف النحاة في "إما" أمركبة هي أم بسيطة؟ فذهب سيبويه: إلى أنها مركبة من "إن" و"ما"، وذهب غيره من النحاة إلى أنها بسيطة، وضعت هكذا من أول الأمر؛ وهذا الرأي؛ هو الراجح؛ لأن البساطة -أي: عدم التركيب- هي الأصل.
فائدة خامسة: لا خلاف بين النحاة في أن "إما" الأولى غير عاطفة؛ لأنها تقع بين العامل ومعموله؛ نحو: تزوج إما هندا، وإما أختها، واختلفوا في "إما" الثانية؛ فذهب أكثر النحاة: إلى أنها عاطفة والواو قبلها زائدة؛ لكيلا يلزم دخول العاطفة على العاطف. وذهب أبو علي الفارسي وابن كيسان وابن برهان: إلى أن العاطف هو الواو و"إما": دالة على الإباحة، أو التخيير، أو الشك، أو الإبهام. فـ"إما" -عند هؤلاء- مثل "أو" في الدلالة على المعنى فقط؛ وليست مثلها في عطف ما قبلها على ما بعدها، وزعم ابن عصفور: أن النحاة مجمعون على أن "إما" غير عاطفة وزعمه مخالف لما ذهب إليه العلماء.
انظر التصريح: ٢/ ١٤٦، والمغني: ٨٤-٨٧، وحاشية الصبان: ٣/ ١٠٩-١١٠.
١ ابن كيسان مرت ترجمته.
٢ ابن برهان هو أبو القاسم، عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي العكبري، عالم في اللغة والتاريخ، وأيام العرب، تصدر للتدريس ببغداد، ويعرف بشراسة خلقه، على من يقرأ عليه ولا يلبس السراويل، ولا يغطي رأسه؛ له من المصنفات: الاختيار في الفقه، وأصول اللغة، واللمع في النحو، مات سنة: ٤٥٦هـ.
البلغة: ١٣٣، إنباه الرواة: ٢/ ٢١٣، وبغية الوعاة: ٢/ ١٢٠، ومعجم المؤلفين: ٦/ ٢١٠، والأعلام: ٤/ ٣٢٦.
٣ القائل: هو سعد بن قرظ.
٤ تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، يهجو فيه الشاعر أمه وكان عاقا شريرا؛ وصدره قوله:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها =

<<  <  ج: ص:  >  >>