معناه اصطلاحا: طلب المتكلم إقبال المخاطب إليه بالحرف "يا" أو إحدى أخواتها؛ سواء كان الإقبال حقيقيا، أو مجازيا يقصد به طلب الاستجابة؛ كنداء الله سبحانه وتعالى. وقد اختلف النحاة في عامل المنادى؛ فذهب الجمهور إلى أن عامله فعل مضمر وجوبا فيكون المنادى مفعولا به لذلك العام؛ وأما إضمار ذلك العامل فللأسباب الأربعة التالية: أ- الاستغناء بظهور معناه. ب- قصدهم بعبارة النداء الإنشاء، وإظهار الفعل يوهم الإخبار فتحاشوا إظهاره. ج- كثرة استعمال النداء في كلامهم. د- تعويضهم من هذا الفعل حرف النداء؛ ومعلوم أنه لا يجمع في الكلام بين العوض والمعوض عنه. وذهب بعض النحاة إلى أن العامل في النداء هو القصد؛ وعليه يكون العامل معنويا لا لفظيا؛ وهذا القول مردود؛ لأنه لم يعهد في عوامل النصب عامل معنوي، وإنما عهد ذلك في عوامل الرفع؛ كالابتداء الرافع للمبتدأ، والتجرد الرافع للفعل المضارع. وذهب أبو علي الفارسي إلى أن العامل في المنادى؛ هو حرف النداء، على سبيل النيابة عن الفعل والعوض به منه، وجعل المنادى مشبها بالمفعول به، لا مفعولا به -كما هو عند الجمهور- ويرد على هذا الرأي؛ بأن حرف النداء يحذف من الكلام، وحينئذٍ يكون العوض والمعوض منه محذوفين؛ ومعلوم أن العرب لا تجمع بين حذف العوض والمعوض عنه، وذهب بعضهم إلى أن العامل في المنادى هو أداة النداء؛ لا لكونها عوضا من الفعل المحذوف -كما قال الفارسي- بل لأن هذه الأول اسم فعل مضارع بمعنى: أدعو؛ وهذا مذهب ضعيف؛ لأن أدوات النداء لو كانت أسماء أفعال؛ لكان فيها ضمير مستتر؛ كما في سائر أسماء الأفعال؛ ولو كانت هذه الأدوات متحملة للضمير؛ لكانت هي والضمير المستتر جملة تامة، يجوز الاكتفاء بها، ولا يحتاج المتكلم إلى ذكر المنادى معها؛ لأنه فضلة، ولم يقل بذلك أحد. وذهب آخرون: إلى أن العامل في المنادى؛ هو أداة النداء على أن تلك الأدوات أفعال، لا أسماء أفعال ولا حروف عوض بها عن أفعال؛ وهذا قول مردود أيضا، والرأي الراجح؛ ورأي الجمهور؛ الذي اختاره ابن مالك. انظر همع الهوامع: ١/ ١٧١، وحاشية الصبان: ٢/ ١٤١.