للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المنصوب معطوفا بالواو١؛ لأن متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسلب والإيجاب٢، أو سبقت بإيجاب؛ نحو: "قام زيد لكن عمرو لم يقم"، ولا يجوز "لكن عمرو" على أنه معطوف؛ خلافا للكوفيين.

["بل" معناها وشروط عطفها] :

وأما "بل" فيعطف بها بشرطين؛ إفراد معطوفها٣، وأن تسبق بإيجاب أو أمر أو نفي أو نهي؛ ومعناها بعد الأولين: سلب الحكم عما قبلها وجعله لما بعدها؛ كـ"قام زيد بل عمرو"، و"ليقم زيد بل عمرو"؛ وبعد الأخيرين: تقرير حكم ما قبلها وجعل ضده لما بعدها٤؛ كما أن لكن كذلك؛ كقولك: "ما كنت في منزل


= وجه الاستشهاد: وقوع "لكن" حرف ابتداء، ورسول الله: خبر لكان المحذوفة، ومضاف إليه؛ والتقدير: ولكن كان رسول الله؛ وليس "رسول" معطوفا على "أبا" بالواو الداخلة على "لكن" عطف مفرد على مفرد، خلافا لـ"يونس"؛ الذي يعد "الواو" عاطفة، و"لكن" حرف استدراك. التصريح: ٢/ ١٤٧.
١ أي: على أنه من عطف مفرد؛ وهو: "رسول الله"؛ علم مفرد؛ وهو: "أبا أحد".
٢ فإن المعطوف عليه؛ وهو: "أبا أحد" منفي، والمعطوف؛ وهو: "رسول الله" مثبت. أما عطف الجملتين بالواو: فيجوز تخالفهما، نفيا وإيجابا؛ تقول: حضر محمد، ولم يحضر علي.
٣ فإن وقع بعد "بل" جملة؛ لم تكن عاطفة، وكانت -حينئذ- حرف ابتداء دال على الإضراب؛ ويكون هذا الإضراب إبطاليا؛ أي: الدلالة على أن ما قيل قبلها كلام باطل، وذلك؛ نحو قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} ؛ ونحو قوله سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} ؛ وقد يكون نحو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} . وقد تزاد "لا" قبل "بل"، بعد الإيجاب؛ للدلالة على توكيد الإضراب؛ نحو قوله:
وجهك البدر لا بل الشمس لو لم ... يقض للشمس كشفة أو أفول
وقد تزاد "لا" قبل "بل" بعد النفي؛ لتقرير ما قبلها؛ نحو قول الشاعر:
وما هجرتك لا بل زادني شغفا ... هجر وبعد تراخى لا إلى أجل
وهذا البيت رد على ابن درستويه الذي ادعى أن "لا" لا تزاد قبل بل بعد النفي. مغني اللبيب: ١٥١-١٥٣، ورصف المباني: ١٥٣، والجنى الداني: ٢٣٥.
٤ هذا مذهب جمهور النحاة؛ وأجاز المبرد هذا المعنى، كما أجاز أن تكون "بل" بعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>