للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله١: [الطويل]

٢٢٧- يغضي حياء ويغضى من مهابته٢

ولا يقال النائب المجرور؛ لِكونه مفعولا له.


١ هو: الفرزدق؛ همام بن غالب وقد مرت ترجمته.
٢ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
فما يُكَلَّمُ إلا حين يَبْتسِمُ
وهو من قصيدة يقولها الشاعر في زين العابدين؛ علي بن الحسين ابن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ومطلع هذه القصيدة:
هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأته ... والبيت يعرفه والحلُّ والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهمُ ... هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العَلَمُ
والشاهد من شواهد: التصريح: ١/ ٢٩٠، ٢/ ١٠، والأشموني: "٣٨٧/ ١/ ١٨٣" والأغاني: ١٤/ ٧٥، والمؤتلف: ٨٩، والحيوان: ٣/ ١٣٣، وشرح المفصل: ٢/ ٣٥٣، والعيني: ٢/ ٥٤٣، ٣/ ٢٧٣، والمغني: "٦٠٠/ ٤٢١"، والسيوطي: ٢٤٩، وليس في ديوان الفرزدق ونسبه بعضهم إلى الحزين الكناني.
المفردات الغريبة: يغضي: من الإغضاء، وهو تقارب بين جفني العين حتى يقربا من الانطباق. مهابته: هيبته وجلاله. يبتسم، الابتسامة: أول الضحك.
المعنى: يصف الفرزدقُ زينَ العابدين بأنه رجل وقور شديد الحياء، يكاد يطبق جفنيه أمام محدِّثِهِ من الحياء، ويغمض الناس جفونهم أمامه من هيبته وجلاله، فلا يكلمه أحد إلا حين يبتسم.
الإعراب: يغضي: فعل مضارع، والفاعل: هو؛ يعود إلى زيد العابدين. حياء: مفعول لأجله منصوب. ويغضى: الواو عاطفة. يغضى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير يعود إلى المصدر المعهود المفهوم من الفعل؛ أو الموصوف. فما الفاء تفريعية، وما: نافية. يُكَلَّم: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل: هو. إلا: حرف استثناء ملغى؛ أو أداة حصر. "حين": متعلق بـ "يكلم". يبتسم: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هو؛ وجملة "يبتسم": في محل جر بالإضافة.
موطن الشاهد: "يُغضَى من مهابته".
وجه الاستشهاد: مجيء نائب الفاعل ضميرا مستترا، يعود إلى المصدر المعهود، أو الموصوف بوصف محذوف؛ والتقدير: يغضي الإغضاء المعهود؛ أو إغضاء حادث من مهابته؛ وليس قوله: "من مهابته" نائب الفاعل -كما يقول الأخفش- لأن "من" الجارة -هنا- تفيد التعليل؛ ويشترط في صحة نيابة الجار أن لا يكون للتعليل كما نعلم؛ وكذلك لا تجوز نيابة المفعول لأجله، ولا الحال، ولا التمييز؛ لأن كل واحد منها بمنزلة جواب عن سؤال مقدر؛ فكأنه من جملة أخرى غير الفاعل والفاعل؛ ومن هنا نعلم السبب الذي من أجله منعت نيابة الجار الذي يدل على التعليل؛ لأن مجروره مبني على سؤال مقدر وهذا تعليل النحاة؛ والعلة الحقيقية محاكاة العرب في كلامهم وأساليبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>