للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني نحو: "هنا" فإنها متضمنة لمعنى الإشارة، وهذا المعنى لم تضع العرب١ له حرفا، ولكنه من المعاني التي من حقها أن تؤدى بالحروف؛ لأنه كالخطاب والتنبيه، فهنا مستحقة للبناء؛ لِتضمنها لمعنى الحرف الذي كان يستحق الوضع.

وإنما أعرب "هذان، وهاتان"، مع تضمنهما لمعنى الإشارة؛ لِضعف الشبه بما عارضه من مجيئهما على صورة المثنى، والتثنية من خصائص الأسماء٢.


١ قيل وضعت له لام العهد؛ لأنها للإشارة إلى معهود بين المتكلم، والمخاطب، وهي حرف غايته أنها للإشارة الذهنية، ولا فرق بينها وبين الخارجية.
ابن عقيل: ١/ ٣٢، وحاشية يس على التصريح: ١/ ٤٩.
٢ للنحاة في "هذان وهاتان" رفعا، و"هذين وهاتين" نصبا وجرا مذهبان هما:
أ- أن هذه الألفاظ مثنيات حقيقة، وأنها معربات بالألف رفعا، وبالياء نصبا وجرا.
ب- أن هذه الألفاظ، ليست مثنيات حقيقية، وأنها مبنية، ووجه هذا المذهب، أنها فارقت المثنيات الحقيقية من وجهين.
الأول: لو كانت مثنيات حقيقة، لقيل في حالة الرفع هذيان وهاتيان، كما يقال: فتيان، ولقيل في حالتي النصب والجر: هذيين وهاتيين، كما يقال: فتيين.
الثاني: من شرط التثنية الحقيقية قبول التنكير؛ لأننا لا نثني زيدًا العلم، حتى نعتقد تنكيره، ثم إذا أردنا تعريفه بعد التثنية، أدخلنا عليه "أل" فنقول: الزيدان والزيدين، ومعلوم أن أسماء الإشارة لا تقبل التنكير بحال.
نخلص من هذا إلى أن هذه الألفاظ ليست مثنيات حقيقية -لما ذكر- ولذا، لا يجوز القول: إنه عارض شبه الحرف شيء من خصائص الأسماء، والصحيح: أن العرب، وضعوا للمشار إليه في حالة الرفع -إذا كان مثنى- "هذان" و"هاتان" وفي حالتي الجر والنصب و"هاتين، وهذين"، فهي ألفاظ موضوعة على صورة المثنى في بادئ الأمر، وكلام المؤلف ملفق من المذهبين، فهو يوافق المذهب الأول القائل بإعراب هذه الألفاظ، ثم يوافق المذهب الثاني القائل ببنائها.
وانظر التصريح: ١/ ٤٩-٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>