للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني١: كـ "إذ" و"إذا" و"حيث" والموصولات٢، ألا ترى أنك تقول: "جئتك إذ ... "، فلا يتم معنى "إذ" حتى تقول: "جاء زيد" ونحوه، وكذلك الباقي، واحترز بذكر الأصالة من نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} ١، فيوم: مضاف إلى الجملة،


١ الذي يفتقر افتقارا متأصلا إلى جملة أو شبهها.
٢ فإنها مفتقرة دائما إلى جملة تكمل معناها، وأما إضافة "حيث" إلى مفرد في قول الفرزدق:
ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم ... ببيض النواصي حيث ليِّ العمائمِ
فذلك نادر، ومعلوم أن النادر كالشاذ يُحفَظ ولا يُقاس عليه.
وذكر الشيخ يس في حاشيته على شرح التصريح: "فإن قلت: إنَّ إذ وإذا ملازمان للإضافة، وقد علمنا أن الإضافة مما يختصُّ بالأسماء، فلماذا لم يعربا، كما أعربت أيّ الشرطية والاستفهامية لملازمتهما للإضافة؟
فالجواب عن ذلك: "قلت: إضافتهما كلا إضافة؛ لأنهما مضافان إلى الجمل، والإضافة إلى الجمل في تقدير الانفصال، فكأنهما غير مضافين".حاشية يس على شرح التصدير: ١/ ٥٢".
٣ ٥ سورة المائدة: الآية: ١١٩.
أوجه القراءات: قرأ الجمهور بالرفع في "يوم" وقرأ نافع وابن محيصن "يَوْمَ" بالنصب، النَّشر: ٢/ ٢٤٧.
توجيه القراءات: على قراءة الرفع فـ "يوم" خبر لـ "هذا": إشارة إلى ما تقدم من القصص، وهو قوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّه} فأخبر الله عما لم يقع بلفظ الماضي؛ لِصحة كونه وحدوثه. وجاز أن يقع "يوم" خبرا عن "هذا" لأنه إشارة إلى حدث، وظروف الزمان تكون خبرا عن الحدث.
ويجوز على قول الكوفيين أن يكون "يوم" مبنيا على الفتح؛ لِإضافته إلى الفعل، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب والرفع على ما تقدم من التفسير. وإنما يقع البناء في الظرف إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين، إذا كان الفعل مبنيا، فأما إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف عندهم.
معاني القرآن: ١/ ٣٢٦-٣٢٧، والبيان ١/ ٣١١، وتفسير القرطبي: ٦/ ٣٧٩، ومشكل إعراب القرآن: ١/ ٢٥٥.
موطن الشاهد: {هَذَا يَوْمُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "يوم" مضافا بدليل حذف تنوينه إلى الجملة بعده، وهي: {يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} والمضاف مفتقر إلى ذكر المضاف إليه كما هو معلوم في إفادة معناه، غير أن هذا الافتقار عارض التراكيب في بعض التراكيب، ويزول في بعضها الآخر، في نحو: صمت يوما، إذا أخبرت عن الترك، ولا يحتاج في تمام معنى "يوم" إلى شيء آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>