للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون المنوب عنه مكانا، نحو: "جلست قرب زيد" أي: مكان قربه.

[الجاري مجرى أحدهما] :

والجاري مجرى أحدهما: ألفاظ مسموعة توسعوا فيها، فنصبوها على تضمين معنى "في" كقولهم: "أحقا أنك ذاهب"١ والأصل أفي حق، وقد نطقوا بذلك، قال٢: [الطويل]

٢٥٦- أفي الحق أني مغرم بك هائم٣


= مثنى قارظ، وهو جاني القرظ الذي يدبغ به، وهما رجلان من عنزة خرجا يجنيان القرظ، فطالت مدة غيابهما ولم يرجعا، فضرب برجوعهما المثل؛ للأمر الميئوس منه الذي لا يكون أبدا ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
فتلك التي لا يبرح القلب حبها ... ولا ذكرها ما أرزمت أم حائل
وحتى يؤوب القارظان كلاهما ... وينشر في القتلى كليب لوائل
وقد أورد الميداني هذا المثل، ونصبه: "حتى يؤوب القارظان" انظر أمثال الميداني "تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد": ١/ ٢١١، برقم: ١١٢٥، وانظر شرح التصريح: ١/ ٣٣٨.
١ أحقا: منصوب على الظرفية الزمانية متعلق بمحذوف خبر مقدم. أنك ذاهب: في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر.
٢ القائل هو: فائد بن المنذر القشيري.
٣ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
وأنك لا خَلٌّ هواك ولا خمرُ
وهو من شواهد: التصريح: ١/ ٣٣٩، والخزانة: ١/ ١٩٣ عرضا، والعيني: ٣/ ٨١، ومغني اللبيب: "٨١/ ٧٩" وشرح السيوطي: ٦٣.
المفردات الغريبة: مغرم: مولع، من أغرم بالشيء، أولع به. هائم: متحير.
المعنى: ليس غرامي بك، وعشقي لك حقا؛ لأنك لا تستقرين على حال؛ وهواك غير ثابت، كماء العنب المتردد بين الخلية والخمرية؛ فلا هو خل صرف، ولا خمر خالص؛ ومن كان هواه بهذه المثابة، فكيف يكون غرام من أغرم بها حقا؟!.
الإعراب: "أفي الحق": الهمزة حرف استفهام يفيد الإنكار. "في الحق": متعلق بمحذوف خبر مقدم. أني: حرف مشبه بالفعل، والياء: اسمه. مغرم: خبره مرفوع؛ والمصدر المؤول من "أنَّ وما بعدها": في محل رفع مبتدأ مؤخر؛ ويجوز أن يكون =

<<  <  ج: ص:  >  >>