للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع كثرة ذلك فقال الجمهور: لا ينقاس مطلقا، وقاسه المبرد فيما كان نوعا من العامل١، فأجاز: "جاء زيد سرعة" ومنع: "جاء زيد ضحكا"، وقاسه الناظم وابنه بعد "أما" نحو٢: "أما علما فعالم" أي: مهما يذكر شخص في حال علم فالمذكور عالم٣، وبعد خبر شبه به مبتدؤه، كـ: "زيد زهير شعرا" أو قرن هو بأل الدال على الكمال، نحو: "أنت الرجل علما".

[أصل صاحب الحال أن يكون معرفة ويأتي نكرة بمسوغ] :

فصل: وأصل صاحب الحال التعريف ويقع نكرة بمسوغ٤، كأن يتقدم


= وما ذهب إليه سيبويه والجمهور أفضل من ذلك كله؛ وإلى هذا أشار الناظم:
ومصدر منكَّر حالا يقعْ ... بكثرة كبغتةً زيدٌ طلعْ
والمعنى يقع المصدر النكرة حالا بكثرة؛ وذلك على خلاف الأصل؛ لأن الحال وصف، يدل على معنى صاحبه؛ والمصدر لا دلالة له على صاحب المعنى؛ وذلك مثل: زيد طلع بغتة؛ فبغتة مصدر نكرة؛ وهو منصوب على الحال، على النحو الذي فصل؛ وأما الذي سهل هذه المخالفة، فحمله على الإخبارية في مثل محمد عدل، والصفة في مثل: هذا ماء غور، وقد أشرنا إلى ذلك سابقا وانظر في هذه المسألة:
همع الهوامع: ١/ ٢٣٨، والأشموني: ١/ ٢٤٥-٢٤٦، وشرح التصريح: ١/ ٣٧٤-٣٧٥.
١ أي: مما يدل عليه عامله؛ فالسرعة في المثال نوع من المجيء.
٢ أي: من كل تركيب وقع الحال فيه بعد "أما" الشرطية، في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين؛ وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر.
٣ ناصب الحال في هذا: فعل الشرط المحذوف؛ وهو "يذكر" وصاحبها" نائب الفاعل المرفوع، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء، وصاحبها الضمير المستكن فيه، وهي على هذا مؤكدة؛ والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم؛ ويتعين الوجه الأول؛ إن كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها. ضياء السالك: ٢/ ١٩٩-٢٠٠.
٤ من المسوغات: أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو؛ وذلك لأن وجود الواو في صدر جملة الحال يمنع توهم كون الجملة صفة؛ لأن النعت لا يفصل بينه وبين منعوته بالواو، نحو قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} وقيل: إن مجيء الحال من النكرة غير الموصوفة موقوف على السماع، ولا يجاوزه لا فيما ذكر من المسوغات ولا في غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>