موطن الشاهد: "مذ أنا يافع". وجه الاستشهاد: دخول "مذ" على الجملة الاسمية؛ وبعض العلماء يرون أن "مذ" داخلة على زمن مضاف إلى الجملة؛ والتقدير: مذ زمن كوني يافعا؛ وبعضهم أعرب "مذ" مبتدأ، وجعل جملة "أنا يافع" في محل جر بإضافة اسم زمان، يقع خبرا للمبتدأ "مذ". والتقدير: أول أمد بغائي الخير وقت أنا يافع؛ والوجه الذي اعتمدناه أفضل من هذا كله. ١ ذهب بعض النحاة، وتبعهم المؤلف في "مغني اللبيب" إلى أن "مذ ومنذ" إذا وقعت بعدهما جملة فعلية أو اسمية، فهما اسمان غير ظرفين؛ ويكون كل منهما مبتدأ محذوف الخبر؛ غير أن عبارة ابن هشام في المغني تشير إلى الخلاف بوضوح، هل هما ظرفان أو اسمان؟ فهو يقول: "والحالة الثانية أن يليهما الجمل الفعلية أو الاسمية ... والمشهور أنهما حينئذ ظرفان مضافان، فقيل: إلى الجملة، وقيل: إلى زمن مضاف إلى الجمل؛ وقيل: مبتدآن، فيجب تقدير زمان مضاف إلى الجملة، يكون هو الخبر؛ فما كان -عنده- متفقا عليه في "أوضح المسالك" جعله المشهور في "مغني اللبيب" وعلى كل، فالقول باسميتهما ضعيف. انظر شرح التصريح: ٢/ ٢١، والمغني: ٤٤١-٤٤٢. فائدة: اختلف النحاة في "مذ ومنذ" أهما أصلان أم أن أحدهما أصل للآخر؟ فقال الجمهور: "منذ" أصل، و"مذ" فرع عنه بحذف النون؛ وقال ابن ملكون: كل منهما أصل برأسه؛ وقال المالقي: إذا كانا اسمين، فإن "مذ" فرع عن "منذ"؛ وإذ كانا حرفين؛ فكل منهما أصل، ووجه ذلك أن ادعاءه زيادة النون أو حذفها، تصرف؛ والمقرر أن الحرف، لا يتصرف. أوضح المسالك: ٣/ ٦٤. ٢ لأنها لا تزيل اختصاصهن بالأسماء، ويرى الجمهور: أن "ما" إذا دخلت على واحد من الحروف الثلاثة: الباء، ومن، وعن، لم تكفه أصلا، وهو يؤولون قول الشاعر: فلئن صرت لا تحير جوابا ... فبما قد ترى وأنت خطيب حيث استشهد به ابن مالك على أن "ما" قد تدخل على الباء، فتكفها. وما ذكره ابن الشجري أن "ما" قد تدخل على "من" فتكفها كقول أبي حية النميري: وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم =