فائدة: اعلم أن حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه قد يكون قياسيا، وقد يكون سماعيا، فأما السماعي فضابطه أن يكون المضاف إليه الباقي صالحا لأن ينسب إليه ما كان منسوبا للمضاف المحذوف قبل الحذف كما في قول عمر بن أبي ربيعة: لا تلمني عتيق حسبي الذي بي ... إن بي يا عتيق ما قد كفاني فأراد عمر أن يقول: لا تلمني يابن أبي عتيق غير أن وزن الشعر لم يمكنه من أن يقول ذلك, وعتيق الذي كان مضافا إليه قبل الحذف صالح لأن ينادى، وينهى عن ترك اللوم. وأما القياسي، فضابطه العام أن يكون المضاف إليه الباقي غير صالح في نفسه لأن يُنسب إليه العامل الذي كان منسوبا قبل الحذف إلى المضاف، وهذا الجنس يقع في كثير من مواقع الإعراب منها: أ- أن يكون المضاف قبل الحذف فاعلا كما في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} ، والتقدير: وجاء أمر ربك؛ لأن نسبة المجيء إلى الله تعالى لما تقتضيه من المكانية والانتقال مستحيلا. ب- أن يكون المضاف قبل حذفه مبتدأ في الحال، أو في الأصل، كما في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} ، والتقدير: ولكن أهل البر من آمن. وكقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، والتقدير: زمن الحج أشهر. ح- أن يكون المضاف قبل حذفه خبر مبتدأ، كقول الشاعر: وشر المنايا ميت وسط أهله والتقدير: وشر المنايا منية ميت وسط أهله، وقد تحتمل الآيتان في الموضع الثاني هذا الوجه فيكون تقدير الأولى: ولكن البر بر من آمن. ويكون تقدير الثانية: الحج حج أشهر معلومات. د- أن يكون المضاف مفعولا به قبل الحذف، كقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} ، والتقدير: وأشربوا في قلوبهم حب العجل. هـ- أن يكون المضاف قبل حذفه مفعولا مطلقا، كقول الأعشى: ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبت كما بات السليم مسهدا =