للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنوين ذلك، وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف، ورووا بالأوجه الثلاثة قوله١: [الطويل]

١٨- تنوَّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثربَ أدنى دارها نظرٌ عالي٦


١ القائل هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، من أهل نجد، من الطبقة الأولى، وأحد أصحاب المعلقات، أشعر الناس وأوصفهم، سبق الشعراء إلى الوصف الكثير، يسمى بالملك الضليل وبذي القروح، غيَّر مقتلُ أبيه حياتَه من المجون واللهو إلى طلب الثأر، فسار في الأرض حتى أتى قيصر طالبا المعونة، فقتله بحُلَّة مسومة، قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "هو قائد الشعراء إلى النار".
الشعراء والشعراء: ١/ ١٠٥-١٣٦.
٢ تخريج الشاهد: الشاهد من قصيدة مشهورة، لامرئ القيس ومطلعها قوله:
ألا عم صباحا أيها الطَلَل البالِي ... وهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالِي
والشاهد من شواهد: التصريح: ١/ ٨٣، وابن عقيل "١٢/ ١/ ٧٦"، والأشموني "٣٣/ ١/ ٤١" وهمع الهوامع: ١/ ٢٢، والدرر: ١/ ٥، وكتاب سيبويه: ٢/ ١٨، والمقتضب للمبرد: ٣/ ٣٣٣و ٤/ ٣٨ وشرح المفصل: ١/ ٤٧و ٩/ ٣٤، وخزانة الأدب: ١/ ٢٦، وشرح العيني: ١/ ١٩٦، وديوان الشاعر: ٣١.
المفردات الغريبة: تنوَّرْتها: نظرت إلى نارها بقلبي لشدة تعلقي بها. أذرعات: بلد بالشام. يثرب: اسم المدينة المنورة قبل أن يهاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم.
المعنى: نظرت إلى نار المحبوبة التي يشبها أهلها؛ للقِرى، وليهتدي الضيفان بها إليهم، وأنا بأذرعات، وهي بيثرب، مع أن أقرب مكان من دارها، يحتاج الناظر منه -إذا ما أراد رؤية دارها- إلى نظر عالٍ بعيد فكيف وبيننا هذه المسافات البعيدة؟ ومن هنا نرى أن الشاعر لم ير النار حقيقة، وإنما بالغ هذه المبالغة من شدة شوقه وهيامه بمن أحب، والمحب يرى ويحس بوجدانه وخياله أكثر من حواسه.
الإعراب: تنوَّرْتها: فعل ماضٍ، وفاعل، ومفعول به، "من أذرعات": متعلق بمحذوف حال من التاء في تنورتها. وأهلها: الواو حالية، أهل: مبتدأ، و"ها" مضاف إليه. "يثرب" متعلق بمحذوف خبر، ويثرب: ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. أدنى: مبتدأ. دارها: مضاف إليه و"ها" مضاف إليه. نظر: خبر مرفوع. عالي: صفة لـ "نظر".
موطن الشاهد: "أذرعات".
وجه الاستشهاد: مجيء "أذرعات" على ثلاث روايات في البيت:
الأولى: "أذرعات" مكسورة النون المنونة، وهذه أرجح الروايات، وعلى هذا الوجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>