للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان غير جوابي؛ وجب أمران: أن يفصل بينهما، وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد إن كان مضمرا، نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} ١، وأن يعاد هو أو ضميره إن كان ظاهرا٢؛ نحو: "إن زيدا إن زيدا فاضل" أو "إن زيدا إنه فاضل"؛ وهو الأولى٣، وشذ اتصال الحرفين؛ كقوله٤: [الخفيف]


= موطن الشاهد: "لا لا".
وجه الاستشهاد: توكيد "لا" توكيدا لفظيا؛ وهي حرف جواب، لا تحتاج إلى الفصل بين المؤكَّد والمؤكِّد، ولا إلى شيء آخر؛ كالحروف غير الجوابية؛ فنستطيع أن نقول: لا لا، نعم نعم، نعم جير. فنعيد حرف الجواب بنفسه، أو بمرادفه، كما قال المضرس بن ربعي.
وقلن على الفردوس أول مشرب ... أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره
أوضح المسالك ٣/ ٣٣٩.
١ ٢٣ سورة المؤمنون، الآية: ٣٥.
وجه الاستشهاد: وقوع "أنكم" الثانية مؤكدة لـ"أنكم" الأولى الواقعة مفعولا ثانيا لـ"يعد"؛ وفصل بينهما بالظرف وما بعده -إذا متم وكنتم ترابا وعظاما- وأعيد مع الثانية ما اتصل بالأولى؛ وهو الكاف والميم؛ لأنه مضمر؛ وحكم الفصل، وإعادة ما اتصل بالمؤكد الوجوب. التصريح: ٢/ ١٢٩.
٢ أي: يعاد لفظ المتصل بالحرف، أو ضميره؛ إن كان ما اتصل به الحرف اسما ظاهرا.
٣ أي: إعادة الضمير أولى وأفصح، من إعادة اللفظ؛ لأنه الأصل، ويلزم من إعادة اللفظ التكرار، وإيهام أن الثاني غير الأول، وبه جاء التنزيل، قال تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} . أما إعادة الظاهر، فمن وضعه موضع المضمر. وفي توكيد الحرف، يقول ابن مالك:
كذا الحروف غير ما تحصلا
به جواب كنعم وكـ"بلى"
فالمعنى: أن توكيد الضمير المتصل، لا يكون إلا بإعادته، وإعادة ما اتصل به -كما سبق- وكذلك الحروف غير الجوابية، لا يعاد لفظها إلا مع الاسم الظاهر المتصل بها، أو ضميره. أما حروف الجواب كـ"نعم" و"بلى"؛ فتعاد وحدها.
حاشية الصبان: ٣/ ٨٢، والتصريح: ٢/ ١٢٨، ١٢٩.
٤ لم يُنسب البيت إلى قائل معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>