بحيث صار ينادي على الحمار أو البغل المعدد الجذى قيمته ثلاثون ريالا وأكثر بمائة نصف فضة أو ريال واحدا وأقل ولا يوجد من يشتريه وفي كل يوم يتضاعف الحال وتعظم الاهوال وزحف المسلمون على جهة رصيف الخشاب وترامى الفريقان بالمدافع والنيران حتى احترق ما بينهم من الدور وكان إسمعيل كاشف الألفي تحصن ببيت أحمد أغا شويكار الذي كان بيته وقد كان الفرنساوية جعلوا به لعما بالبارود المدفون فاشتعل ذلك اللغم ورفع ما فوقه من الأبنية والناس وطاروا في الهواء واحترقوا عن آخرهم وفيهم إسمعيل كاشف المذكور وأنهدم جميع ما هناك من الدور والمباني العظيمة والقصور المطلة على البركة واحترق جميع البيوت التي من عند بين المفارق بقرب جامع عثمان كتخدا إلى رصيف الخشاب والخطة المعروفة بالساكت بأجمعها إلى الرحبة المقابلة لبيت الألفي سكن سارى عسكر الفرنساوية وكذلك خطة الفوالة بأسرها وكذلك خط الروبعي بالسباط العظيمين وما في ضمن ذلك من البيوت إلى حد حارة النصارى وصارت كلها تلالا وخرائب كأنها لم تكن مغني صبابات ولا مواطن أنس ونزاهات وقد جنت عليها أيدي الزمان وطوارق الحدثان حتى تبدلت محاسنها وأفقرت مساكنها وهكذا عقبى سوء ما عملوا فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.
وارسلوا إلى مراد بك يطلبونه للحضور أو يرسل الأمراء والأجناد التي عنده فأرسل يعتذر عن الحضور ويقول: إنه محافظ عل الجهة التي هو فيه فأرسلوا إليه بالإرسال والاستكشاف عن أمر الوزير فأرسل يخبر أنه أرسل هجانا إلى الشرق من نحو عشرة أيام وإلى الآن لم يحضر وأن الفرنساوية إذا ظفروا بالعثمانية لا يقتلونهم ولا يضربونهم وأنتم كذلك معهم فأقبلوا نصحي واطلبوا الصلح معهم واخرجوا سالمين فلما بلغهم تلك الرسالة حنق حسن بك الجداوي وعثمان بك الأشقر وغيرهم وسفهوا رأية وقالوا: كيف يصح هذا الأمر وقد دخلنا إلى البلد وملكناها فكيف نخرج منها طائعين ونحو ذلك هذا مما لا يكون أبدا فأشار