وخذ الباشا وادفنه في تربة. ففعل كما امروا وحفروا لباقيهم حفرا وواروهم فيها. وانقضى أمرهم. هذا أخبار بعض تلك البلاد المشاهدين للواقعة وكل ذلك وبال فعله وسوء سريرته وخبث ضميره فلقد بلغنا أنه قال لعسكره أن بلغت مرادى من الأمراء المصريين وظفرت بهم وبالارنؤد أبحت لكم المدينة والرعية ثلاثة أيام تفعلون بها ما شئتم. والدليل على ذلك ما فعله بالاسكندرية مدة إقامته بها من الجور والظلم ومصادرات الناس في أموالهم وبضائعهم وتسلط عساكره عليهم بالجور والخطف والفسق وترذيله لأهل العلم واهانته لهم حتى أنه كان يسمى الشيخ محمد المسيرى الذى هو أجل مذكور في الثغر بالمزور وإذا دخل عليه مع امثاله وكان جالسا اتكأ ومد رجليه قصدا لاهانتهم.
خبر علي باشا المترجم المذكور.
كان اصله من الجزائر مملوك محمد باشا حاكم الجزائر فلما مات محمد باشا وتولى مكانه صهره ارسله بمراسلة إلى حسين قبطان باشا وكان أخوه المعروف بالسيد علي مملوك للدولة ومذكورا عند قبطان باشا ومتولي الريالة فنوه بذكره فقلده قبطان باشا ولاية طرابلس واعطاه فرمانات ويرق فذهب إليها وجيش له جيوشا ومراكب وأغار على متوليها وهو أخو حمودة باشا صاحب تونس وحاربه عدة شهور حتى ملكها بمخامرة أهلها لعلمهم أنه متوليها من طرف الدولة. وهرب أخو حمودة باشا عند اخيه بتونس فلما استولى علي باشا المذكور على طرابلس اباحها لعسكره ففعلوا بها اشنع وأقبح من التمرلنكية من النهب وهتك النساء والفسق والفجور وسبي حريم متوليها وأخذهن أسرى وفضحهن بين عسكره ثم طالبهم بالأموال. وأخذ اموال التجار وفرد على أهل البلد وأخذ اموالهم ثم أن المنفصل حشد وجمع جموعا ورجع إلى طرابلس وحاصره أشد المحاصرة وقام معه المغرضون من أهل البلدة والمقروصون من علي باشا. فلما رأى الغلبة على نفسه نزل إلى المراكب بما جمعه من الأموال والذخائر وأخذ معه غلامين جميلين من أولاد الأعيان شبه الرهائن