وصارت فيه ملكة جيدة واستحضار للفروع الفقهيه ولما مات والده في شهر رجب سنة عشرين ومائتين وألف تقلد منصب والده في الافتاء وكان لها أهلا مع التحري والمراجعة في المسائل المشكلة والعفة والصيانة والديانة والتباعد عن الأمور المخلة بالمروءة مواظبا لوظائفه ودروسه ملازما لداره إلا ما دعته الضرورة إليه من المواساة وحضور المجالس مع أرباب المظاهر وكان مبتلى بضعف البصر وبآخرته اعتراه داء الباسور وقاسي منه شدة وانقطع بسببه عن الخروج من داره ووصف له حكيم بدمياط فسافر إليه لأجل ذلك وقصد تغيير الهواء وذلك باشارة نسيبه الشيخ المهدي وقاسى اهوالا في معالجته وقطعه بالآلة فلم ينجح ورجع إلى مصر متزايد الالم ولم يزل ملازما للفراش حتى توفي إلى رحمة الله سبحانه وتعالى في يوم الإثنين تاسع عشر جمادى الأولى من هذه السنة وصلى عليه بالأزهر ودفن بمدرسة الشعبانية بحارة الدويداري ظاهر حارة كتامة المعروفة الآن بالعينية بالقرب من الجامع الأزهر وخلف ولده النجيب الاديب سيدي محمد الملقب عبد المعطي بارك الله فيه واعانه على وقته.
ومات الإمام العلامة والعمدة الفهامة شيخ الإسلام والمسلمين الشيخ عبد المنعم ابن شيخ الإسلام السيخ أحمد العماوي المالكي الازهري وهو من أهل القرن الثاني عشر تفقه على الشيخ الزهار وغيره من علماء مذهبه وحضر الأشياخ المتقدمين كالدفري والحنفي والصعيدي والشيخ سالم النفراوي والشيخ الصباغ السكندري والشيخ فارس وقرأ الدرس وانتفع به الطلبة ولم يزل ملازما على القاء الدروس بالأزهر على طريقة المتقدمين مع العفة والديانة والانجماع عن الناس راضيا بحاله قانعا بمعيشته ليس بيده من التعلقات الدنيوية سوى النظر على ضريح سيدي أبي السعود أبي العشائر ولم يتجرأ على الفتيا مع أهليته لذلك وزيادة ولم تطمح نفسه لزخارف الدنيا وسفاسف الأمور مع التجمل في الملبس والمركب واظهار الغنى وعدم التطلع لما في أيدي الناس ويصدع بالحق في