المجالس ولا يتردد إلى بيوت الحكام والأكابر إلا في النادر بقدر الضرورة مع الانفة والحشمة ولا يشكو ضرورة ولا حاجة ولا زمانا ولم يزل على حالته حتى مرض أياما وتوفي ليلة الخميس حادي عشر ذى القعدة عن أربع وثمانين سنة وخرجوا بجنازته من منزله الكائن بدرب الحلفاء بالقرب من باب البرقية فمروا بالجنازة على خطة الجمالية علي النحاسين على الاشرفية ودخلوا من جارة الخراطين إلى الجامع الأزهر وصلي عليه في مشهد حافل ودفن على والده بتربة المجاورين وخلف من الأولاد الذكور أربعة رجال ذوي لحى صلحاء وخطهم الشيب خلاف البنات رحمه الله وعفا عنا وعنه.
ومات الفقيه النبيه الصالح الورع العالم المحقق الشيخ أحمد الشهير ببرغوت المالكي ومولده بالبلدة المعروفة باليهودية بالبحيرة تفقه على أشياخ العصر ومهر في الفقه والمعقول واقرأ الدروس وانتفع به الكطلبة واشتهر ذكره بينهم وشهدوا بفضله وكان على حالة حسنة منجمعا عن الناس وراضيا بما قسمه له مولاه منكسر النفس متواضعا ولم يتزى بعمامة الفقهاء يمشي في حوائجه وتمرض بالزمانة مدة سنين يتعكز بعصاه ولم يقطع درسه ولا اماليه حتى توفي إلى رحمه الله سبحانه وتعالى يوم الأربعاء خامس شهر صفر من السنة ودفن بتربة المجاورين رحمه الله.
ومات العمدة النحرير والنبيل الشهير الشيخ سليمان الفيومي المالكي ولد بالفيوم وحضر إلى مصر وحفظ القرآن وجاور برواق القيمة بالأزهر وكان في أول عمره يمشي خلف حمار الشيخ الصعيدي وعليه دراعة صوف وشملة صفراء ثم حضر دروسه ودروس الشيخ الدردير وغيرهما واختلط مع المنشدين وكان له صوت شجي فيذهب مع المتذكرين إلى بيوت الأعيان في الليالي فينشد الانشادات ويقرأ الاعشار فيعجبون به ويكرمونه زيادة على غيره واختلط ببعض الأعيان الذين يقال لهم: البرقوقية من ذرية السلطان برقوق وهم نظار على أوقافه فراج أمره وكثرت معارفه