بحسنها وترتيبها ونظامها المثل في الدنيا فسبحان مغير الشؤن والأحوال.
وفيه خرجت زوجة الباشا الكبيرة وهي أم أولاده تريد الحج إلى خارج باب النصر في ثلاثة تخوت والمتسفر بها بونابارته الخازندار وقد حضر لوداعها ولدها إبراهيم باشا من الصعيد وخرج لتشييعها هو واخوه إسمعيل باشا وصحبتهما محرم بك زوج ابنتها حاكم الجيزة ومصطفى بك دالي باشا ويقال: إنه اخوها وكذلك محمد بك الدفتردار زوج ابنتها أيضا وطاهر باشا وصالح بك السلحدار وارتحلت ومن معها في سادس عشرينه إلى بندر السويس وفي ذلك اليوم برزت عساكر المغاربة وغيرهم ممن تعسكر وارتحل أمير الحج من الحصوة إلى البركة.
وفي يوم الثلاثاء خرجت عساكر كثيرة مجردين للسفر.
وفي يوم الخميس تاسع عشرينه ارتحل أمير الحج ومن معه من البركة في تاسع ساعة من النهار وفي ذلك اليوم هبت رياح غربية شمالية باردة واشتد هبوبها أواخر النهار واطبقت السماء بالغيوم والقتام وابرق البرق برقا متتابعا وارعدت رعدا له دوي متصل ولما قرب من سمت رؤسنا كان له صوت عظيم مزعج ثم نزل مطر غزير استمر نحو نصف ساعة ثم سكن بعد أن تبحرت منه الازقة والطرق وكان ذلك اليوم رابع شهر بابه القبطي.
وفيه ورد الخبر من السويس أن امرأة الباشا لما وصلت هناك وجدت عالما كبيرا من الحجاج المختلفه الاجناس ممنوعين من المراكب فصرحوا في وجهها وشكوا إليها تخلفهم وأن أمير البندر مانعهم من النزول في المراكب وبذلك المنع يفوتهم الحج الذي تجشموا الاسفر وصرفوا أيضا الأموال من اجله وهم في مشقة عظيمة من عدم الماء ولا يمكنهم الرجوع لعدم من يحملهم وأن أمير البندر يشتط عليهم في الاجرة ويأخذ على كل رأس خمسة عشر فرانسا فحلفت أنها لا تنزل إلى المركب حتى ينزل جميع من السويس من الحجاج المراكب ولا يؤخذ منهم إلا القدر الذي جعلته على كل فرد منهم فكان ما حكمت به هذه الحرمة صار لها به