وفي منتصفه سافر أولاد سلطان المغرب والكثير من حجاج المغاربة وكانوا في غاية الكثرة بحيث ازدحمت منهم أسواق المدينة وبولاق وما بينهما من جميع الطرق فكانوا يشترون الاغنام من الفلاحين ويذبحونها ويبيعونها على الناس جزافا من غير وزن وبعد أن يتركوا لأنفسهم مقدار حاجتهم فذهب الكثير للشراء منهم بسب رداءة اللحم الموجود بحوانيت الجزارين ولو وقف عليهم بالثمن الزائد.
وفي أواخره حضر مبشر من ناحية الديار الحجازية يخبر بنصرة حصلت لإبراهيم باشا وأنه استولى على بلدة تسمى السقراء وأن عبد الله ابن مسعود كان بها فخرج منها هاربا إلى الدرعية ليلا وأن بين عسرك الاتراك والدرعيين مسافة يومين فلما وصل هذا المبشر ضربوا لقدومه مدافع من ابراج القلعة وذلك وقت الغروب من يوم الأربعاء سادس عشرينه.
واستهل شهر جمادي الأولى بيوم الأحد سنة ١٢٣٣
فيه نودي على طائفة المخالفين للملة من الاقباط والاروام بان يلزموا زيهم من الازرق والأسود ولا يلبسوا العمائم البيض لأنهم خرجوا عن الحد في كل شيء ويتعممون بالشيلان الكشميري الملونة والغالية في الثمن ويركبون الرهونات والبغال والخيول واماهم وخلفهم الخدم بايديهم العصي يطردون الناس عن طريقهم ولايظن الرائي لهم إلا أنهم من أعيان الدولة ويلبسون الأسلحة وتخرج الطائفة منهم إلى الخلاء ويعملون لهم نشابا يضربون عليه بالبنادق الرصاص وغير ذلك فما احسن هذا النهي لو دام.
وفي يوم السبت حادي عشرينه حضر الباشا من غيبته بالإسكندرية أواخر النهار فضربوا لقدومه مدافع فبات بقصر شبرا وطلع في صبحها إلى القلعة فضربوا بها مدافع أيضا فكانت مدة غيبته بالإسكندرية أربعة اشهر وتسعة أيام.