وفيه سافر إسمعيل باشا إلى جهة قبلي وهو أمير العسكر المعينة لبلاد النوبة كل ذلك والباشا الكبير على حاله بالاسكندرية.
واستهل شهر ذي الحجة سنة ١٢٣٥
فيه توجه إبراهيم باشا إلى أبيه بالاسكندرية فأقام هناك أياما وعاد في آخر الشهر فأقام بمصر أياما قليلة وسافر إلى ناحية قبلي ليجمع ما يجده عند الناس من القمح والفول والعدس الثلاثة أصناف وأخذوا كل سفينة غصبا وساقوا الجميع إلى قبلي لحمل الغلال وجمعها في الشون البحرية لتباع على الافرنج والروم بالأثمان الغالية وانقضت السنة.
ومن حوادثها زيادة النيل الزيادة المفرطة وخصوصا بعد الصليب وقد كان حصل الاعتناء الزائد بأمر الجسور بسبب ما حصل في العامين السابقين من التلف فلما حصلت هذه الزيادةبعد الصليب وطف الماء على اعلى الجسور وغرق مزارع الذرة والنيلة والقصب والأرز والقطن واشجار البساتين وغالب اشجار الليمون والبرتقال بما عليها من الثمار وصار الماء ينبع من الأرض الممنوعة نبعا ولا عاصم من أمر الله وطال مكث الماء على الأرض حتى فات أوان الزراعة ولم نسمع ولم نر في خوالي السنتين تتابع الغرقات بل كان الغرق نادر الحصول وعلماء الخليج حتى سد غالب فرجات القناطر ونبع الماس من الأراضي الواطية القريبة من الخليج مثل غيط العدة وجامع الأمير حسين ونحو ذلك.
ومنها أن ترعة الاسكندرية المحدثة لما تم حفرها وسموها بالمحمودية على اسم السلطان محمود فتحوا لها شرما دون فمها المعد لذلك وامتلات بالماء فلما بدأت الزيادة فزادت وطف الماء في المواضع الوطية وغرقت الأراضي فسدوا ذلك الشرم وابقوا من داخله فيها عدة مراكب للمسافرين فكانوا ينقلون منها إلى مراكب البحر ومن البحر إلى مراكبها وبقي ماؤها مالحا متغيرا واستمر أهل الثغر في جهد من قلة الماء العذب وبلغ ثمن الراوية قرشين.